القطامين يكتب: طوفان الاقصى.. خريف المفاجآت وربيع الغضب..
كتب أ.د احمد القطامين *
كان صباح السابع من اكتوبر صباحا امتزجت فيه بقايا صيف كان لاهبا بشكل استثنائي مع نسمات خجولة لخريف اخذ يدخل الى الكون بطيئا مترددا ، في هذا الصباح اندفع مئات المقاتلين الفلسطينيين الى مستعمرات غلاف غزة، وكان هذا الصباح اول صباحات طوفان الاقصى الذي لا زال يتواصل الى يومنا هذا.
صعق الغرب من هول المشهد، فالقلعة المتقدمة التي تم انشاؤها منذ اكثر من سبعين عاما لحماية المصالح الحيوية الاستراتيجية تتهاوى.. فالقلعة المددجة بافتك انواع الاسلحة والمغرقة بالاموال والتكنولوجيا يتم خلخلة هيكل بنيانها الاساسي على ايدي مقاتلين من الشباب العشريني المسلحين باسلحة خفيفة بينما يمتلكون ارادة من النوع الثقيل المفعم بالفعل والانجاز.. وكان الجميع في الغرب يصرخ .. هذا غير ممكن.. هذا غير ممكن!!
انه خريف التغيير والمفاجآت الكبرى غير المسبوقة وغير المتوقعة، خريف تولدت منه لحظة تاريخية حاسمة ما يأتي بعدها يختلف جذريا عن كل ما كان قبلها.
اذن قوانين اللعبة تغيرت، لكن الغرب سيبذل جهودا هائلة لوقف هذا التغير واعادة الامور الى اوضاعها السابقة، وللاسف ان نجاح الجهد الغربي يعتمد بشكل اساسي على ادوار اساسية للنظام السياسي العربي فيه، ومن غير المحتمل ان ينجح الغرب في سعيه هذا بدون المساعدة العربية الرسمية التي اعتقد شخصيا ويشاركني في هذا الاعتقاد العديد من المراقبين والمحللين حول العالم ان مساهمة بعض الاطراف الرسمية العربية متوفره وقابلة للاستخدام دون جهد اقناعي يذكر .
ان نجاح الغرب في اعادة عقارب الساعة الى ما قبل السابع من اكتوبر ومساهمة اطراف رسمية عربية في هذا الجهد يعتمد الى حد كبير على طبيعة التغيرات التي انتجتها عملية طوفان الاقصى في البنية الاساسية العميقة للمجتمعات العربية والاسلامية، واذا صدقت التوقعات فان عملية طوفان الاقصى والتخاذل العربي الرسمي الهائل في مواجهة اسرائيل والفشل في منعها من ارتكاب جرائم الحرب والابادة الجماعية للفلسطينين في غزة سوف تحدث طوفانا من التغيير السياسي والاجتماعي في طول المنطقة العربية وعرضها وربما سيطيح هذا التغيير بالكثير من القيم السياسية والاجتماعية السائدة وقد يقود الى ربيع عربي جديد بمواصفات جديدة تتيح للشعوب الاستفادة مما جرى في الربيع العربي الاول عام 2011 الذي تم احباطه من خلال قوى الثورة المضادة التي تمكنت من وضع كل الامكانيات المطلوبة والموارد الاستراتيجية المتاحة للاطاحة به، وحققت نجاحا كبيرا.
اذن نحن في مرحلة الانتقال من خريف عربي غير مسبوق في التاريخ المعاصر الى ربيع عربي كانت له سوابق مفجعة، وان عملية تحقيق التوازن بين الخريف والربيع الجديد تقع بالتأكيد على كاهل الامة بكل قواها ومكوناتها الحيوية، لان الفشل هذه المرة ستكون له عواقف وخيمة شديدة التدمير على مستقبل الامة واجيالها القادمة.
qatamin8@hotmail.com