عاجل - حركة تدهشنا ويتقدم قادتها صفوف المواجهة..!



كتب عدنان الروسان - 

الله يرحمه ، طلب الشهادة و نالها ، دمه ليس أحسن من دماء شهداء و اطفال غزة ، هذا ما قالته أم صالح العاروري وأخته، شقيقته، ابنة أمه و أبيه بعد ساعات قليلة من استشهاده، لا دموع ولا بكاء ولا عويل، بل ابتسامة على الوجه وكأنهم يتحدثون عن شخص لا يعرفونه، تحاول ان تغالب دموعك و أنت تشاهد هذه اللوحة الرومانسية السيريالية العجيبة التي تنتزع من قلبك كل الأهات رغما عنك و تنتزع كل ما في عينيك من دموع ، انه مشهد غاية في الغرابة و الدهشة و الروعة و التأمل الفلسفي لمعاني الحياة و الموت.

لا تكف حركة المقاومة المسلحة الفلسطينية حماس عن تقديم المفاجئات الواحدة تلو الأخرى ليس لنا فقط بل للعالم أجمع، هذه الحركة التي يتقدم قادتها على مدى تاريخها الصفوف كلها ليكونوا في الصف الأول للمواجهة و يدقون ابواب الموت بقوة بأيديهم ، يقاتلون واقفين ، و يموتون واقفين و ان اضطر أحدهم أن ينحني فانما ينحني ليلتقط سلاحه من جديد أو ليتحيز الى فئة ، و ان سقط لأن الله اختاره شهيدا ، يسقط و يسجد و هو يلفظ انفاسه الأخيرة مسبحا و داعيا الله أن يتقبل منه الشهادة .

لا يتوقف هؤلاء الرجال العظام عن ادهاشنا و تقديم حالة جديدة للمقاومة من الخنادق و الحدود و من أمام الدبابات الاسرائيلية ، تقديم حالة من المقاتلين الذين يرسمون كل يوم و ليلة لوحات مشرفة تمحوا العار الذي تعشعش في صدورنا على مدى خمسة و سبعين عاما من الحروب ( المبيوعة ) كما يقول كل المحللين السياسيين في العالم أجمع ، لقد خاض النظام السياسي العربي حروبا بالإذاعات و على أنغام خطابات أحمد سعيد و اذاعة صوت العرب ، لقد عشنا أوهاما لمدة خمسة و سبعين عاما حتى أتانا من مدرسة الله رجال اذا وقفوا انحنت لهم الدنيا كلها اجلالا و احتراما ، و قادة متواضعون لا تصطف على صدرهم عشرات الأوسمة المزركشة كملابس الأطفال في يوم عيد و لا يدري أحد من أعطاهم تلك الأوسمة او على أي استحقاق حصلوا عليها ، رجال يقدمون لنا كل يوم انتصارا حتى بتنا نشك اننا في حلم نرجوا أن لا نستيقظ منه.

تدهشنا حماس وتفاجئنا كل يوم وهي تقدم المشهد تلو المشهد الذي يهزيء دولة الإحتلال الصهيوني البغيض، حتى أن التلفزيون الإسرائيلي الرسمي لم يجد بدا من بث مشاهد جنوده يبكون ويتأوهون، ليت تلفزيونات العرب بثت المشاهد التي بثتها هيئة البث الإسرائيلي قبل يومين لستة عشر جنديا يهوديا يبكون و هم يتصايحون و ينادون على بعضهم البعض متألمين و ايدي بعضهم مقطوعة و اخرون أرجلهم و الرعب يدب في قلوبهم و لا تتوقف المقاومة حتى تجهز عليهم.

يدهشنا قادة المقاومة حتى و هم يرحلون، هؤلاء بشر أم ملائكة، لا نزكي على الله أحدا، لكن هؤلاء البشر غير اولئك الذين جاءوا ليملئون حياتنا بمؤتمرات قمم عربية تبدأ بلا مفاوضات ولا صلح ولا اعتراف وتنتهي بكل انواع الإنبطاح العربي، يرحل صالح العاروري قامة شامخة كما رحل الرنتيسي وأحمد ياسين وآل هنية بالعشرات وآل خالد مشعل بالعشرات، يرحل صالح العاروري، حتى وهو يرحل لا يرحم قلوبنا أمه وأخواته وهنّ ينعينه بابتسامات رائعة تبدو على وجوههن يكسوهن بعض الحزن ويقلن دم صالح مش أحسن من دم أطفال غزة وشهداء غزة...

الله.. الله ما أعظم هذه المرأة وما أشجع قلبها المليء بالإيمان ومعاني الشهادة

رحم الله الشيخ صالح العاروري ، و رحم الله كل شهداء المقاومة الفلسطينية ، شكرا لكم فالدماء الزكية الطاهرة تنبت نصرا عظيما باذن الله ، اللهم اكتب لنا شهادة مثل تلك الشهادات و ليس مثل حملة الشهادات من الجامعات الأمريكية التي أودت بنا الى ما نحن فيه.


adnanrusan@yahoo.com