أنزلوا نتنياهو عن الشجرة وإلا..!
اذا كان الدمار هو الهدف فأن الحرب الإسرائيلية على غزة تكون قد حققت اهدافها ونجحت تماما بعد مرور قرابة الثلاثة اشهر على اشتعالها بعد هجمات السابع من اكتوبر الذي شنته حماس على مستعمرات غلاف غزة وقتل ما يقارب 1200 من الجنود والمستوطنين ، وكرد فعل على هذه الهجمات قتلت إسرائيل ما يزيد عن واحد وعشرين الف فلسطيني وخلفت ما يزيد عن خمسين الف جريح ومصاب، والكثير ممن لم يتم حصر عددهم ما زال تحت الانقاض ، ودمار كامل للبنية التحتية من المستشفيات والمدارس والمنازل وتجريف تام للطرقات وبما يزيد عن 70% من غزة قبل الحرب سوي بالأرض حسب احصائيات الامم المتحدة، مع حصار تام للقطاع وسياسة ممنهجة للتجويع وحجب الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وطاقة، وشح مياه الشرب وتدمير الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية الامر الذي ادى الى تفشي الامراض المعدية والوبائية.
ويبدو ان اهداف اسرائيل من حرب غزة لا تقف عند الانتقام من الفلسطينيين فحسب، بل تهدف وكما اعلنها نتنياهو غير مرة، في استعادة الاسرى وتدمير حماس والقبض على قادتها او قتلهم وتحطيم القدرة العسكرية للمقاومة من خلال تدمير كآفة الانفاق والحيلولة دون وقوع اي هجوم آخر ، وبالتوازي الحفاظ على دعم امريكي كامل سياسيا وعسكريا ودفع عجلة التطبيع مع دول الجوار الى امام، واستعادة ثقة الشارع الإسرائيلي بمؤسساته الامنية بعد ان سويت بالأرض بفعل ضربات حماس الاخيرة وما اظهرته ساحات المعارك على ارض الواقع، ويبدو ان نتنياهوا قد وضع هذه الاهداف وصعد الى اعلى الشجرة وهو يعلم كل العلم ان هذه الاهداف غير قابلة للتحقيق وان بعضها يعارض الآخر وان فاتورة الحرب وصلت حدوداً غير مسبوقة ولا يمكن تحملها، ومع ذلك اصر عليها كخطوة للهروب الى الامام للاحتفاظ بتشكيلة حكومته المتطرفة المتعطشة للحرب التي تضمن له البقاء في الحكم، فاليمين المتطرف يستحوذ على 62% من اصوات الكنيست بما يكفل له التملص من الملاحقة القضائية التي باتت كابوساً يلاحقه في حال توقفت الحرب.
ان طبيعة الحرب على غزة تختلف عن معظم الصراعات الاخرى ، اذ انها تفتقر الى هدف محدد يمكن تحقيقه فلا يوجد فيها قوة غازية ينبغي طردها، ولا ارض يجب احتلالها، ولا دكتاتور ينبغي الاطاحة به، فهي حرب ذات طبيعة خاصة وبأهداف متعددة يراد منها تحقيق مصالح شخصية واهداف خاصة، فهذه الحرب اريد لها ان تستمر لان اهدافها عصية على التحقيق فإسرائيل التي تريد من الحرب استرداد الرهائن تطبق وتعمم على جنودها في ذات الوقت بروتوكول ها نيبال ( جندي قتيل خير من جندي اسير) فهي تقصف عشوائيا وتقصد ارداء جنودها الاسرى ومن معهم من المقاومين دونما اي اعتبار لحياة جنودها، بل سارعت غير مرة الى قتل جنودها الذين كانوا يطلبون المساعدة بعد فرارهم من محتجزيهم، وهذا ما لا تريده امريكا التي تصر على توجيه ضربات جراحية محددة وتجنب قصف المدنيين مما زاد الهوة ما بين الحليفين ، ثم وبعد الحرب من سيحكم غزة وهذا الامر ما لا يريد نتنياهو مناقشته لاعتبارات عديده منها هل من مصلحة اسرائيل اعادة حكم غزة من جديد ولعب دور المحتل ..؟، وهل سيوقف هذا المقاومة الفلسطينية مع الاخذ بالاعتبار ان حماس فكرة قبل ان تكون تنظيماً...؟ ، ثم من سيدير غزة فهناك رفض مصري من حيث المبدأ، وذا تم الاستعانة بالسلطة الفلسطينية في هذا الجانب هل تصلح السلطة الفلسطينية لهكذا مهمة بعد ان قزمتها اسرائيل وجعلتها ذراعاً امنياً لها...؟، ثم هل يقبل اهل غزة بعودة السلطة الفلسطينية لها، وهل سيوقف ذلك فكرة المقاومة في ظل الحصار المفروض وضيق سبل العيش..؟، كل هذه الاسئلة عصية على الاجابة ويعلم ذلك نتنياهو ومع ذلك يستمر في الحرب التي يراد لها ان تتوسع وتشمل لبنان وربما مصر من خلال اعادة احتلال محور فيلادلفيا والسيطرة عليه من جديد كما سبق واعلنت ذلك مراراً بحجة السيطرة على معبر رفح بالكامل والحيلولة دون استخدام الانفاق من والى مصر، الامر الذي سيرغم الجانب المصري الى دخول الحرب والا سيواجه ضغوطاً شعبية لا يمكن السيطرة عليها، الامر الذي سينسف اتفاقية كامب ديفيد من اساسها ، وفي ظل خضوع نتنياهوا للتيار المتطرف الذي يحسن استغلاله في هذه المرحلة كونه هو من يبقيه في الحكم سيتم تهجير الفلسطينيين من غرب النهر الى شرقة تحت ذرائع عديدة والا ما تفسير تسليح بن غفير للمستوطنين في مستعمرات الضفة الغربية واستمرار التحرش واستفزاز الفلسطينيين الا لافتعال ثورة جديدة للشارع الفلسطيني الذي سواده اعزل من السلاح، وهل سيقف الاردن مكتوف الايدي امام كل ذلك، وماذا سيكون مصير اتفاق وادي عربة..؟ ، الامر خطير وبحاجة الى وقفات من كافة الدول الساعية والمحبة للسلام واستقرار المنطقة لحماية مصالحها، فالوقت ينفذ وحان الوقت لانزال نتنياهو عن الشجرة بعد ان انكشف امره وغاياته من الحرب التي ستطحن الجميع ولا تقف عند حد، ولكن يبقى السؤال من سينزل نتنياهوا عن الشجرة... ومن يريد ذلك....!!!؟؟؟