الأرض الموعودة في مذكرات أوباما..!
في مذكراته بعنوان " الأرض الموعودة "، كتب الرئيس الأسبق أوباما سيرته الذاتية، مبينا كيف واجه التحديات كرجل أسود في مجتمع أبيض، ثم كيفية توليه أعلى منصب في العالم، كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، لعهدين متتالين اعتبارا من عام 2008.
وسواءاً اتفقنا أم اختلفنا معه، فهذا لن يغير من الحقيقة شيئا، لأن التاريخ شاهد يسجل ما له وما عليه من أعمال ضارة أو نافعة. ولكنني هنا أرغب باقتباس بعض الفقرات، التي تطرّق بها أوباما لبعض زعماء الشرق الأوسط خلال رئاسته، دون تعليق من قبلي :
" سارعنا إلى دعوة كل من نتنياهو وعباس ومبارك وعبد الله إلى البيت الأبيض لعقد سلسلة اجتماعات في الأول من أيلول/ سبتمبر 2010 يليها عشاء خاص، من أجل المباشرة بالمفاوضات. تلك الاجتماعات كانت بمعظمها ذات طابع احتفالي، فالعمل الجادّ للتوصل إلى اتفاق كان على عاتق هيلاري وميتشل وفرق التفاوض.
ومع ذلك فقد أحطنا المناسبة بكثير من الأهمية والتغطية الإعلامية، وخُصص لها الكثير من المقابلات الصحفية والصور الفوتوغرافية. وقد سيطر جوّ من الودّ والدفء على لقاءات القادة الأربعة، ولا أزال أملك صورتنا نحن الخمسة، فيما ننظر إلى ساعة يد الرئيس مبارك للتأكد من غروب الشمس رسميا، لأننا كنا في شهر رمضان عندها، ويجب التأكد من فترة الصيام قبل الجلوس إلى مائدة الإفطار.
في الضوء الخافت في غرفة الطعام العائلية القديمة تناوب كل منا على وصف رؤيته للمستقبل. فتحدثنا عن الاسلاف مثل بيغن والسادات ورابين والملك الأردني حسين، الذين كانت لديهم الشجاعة والحكمة لمد الجسور فوق الانقسامات القديمة.
وتحدثنا عن تكاليف الصراع الذي لا نهاية له، وعن الآباء الذين لا يعودون إلى منازلهم أبدا، والأمهات اللواتي يدفنّ أولادهن. للناظر من الخارج كانت تلك لحظة أمل وبداية شيء جديد.
ولكن في وقت لاحق من تلك الليلة، وبعد ما انتهى العشاء وعاد القادة إلى فنادقهم، وجلست في غرفة المعاهدات لأقرأ التقارير الخاصة باليوم التالي، لم أستطع سوى الشعور بقلق غامض.
فالكلمات التي ألقيت والدردشة والألفة بين المجتمعين . . شعرت بأنها محمّلة بقدر كبير من المبالغة، وكأنها طقوس أو كوميديا ربما شارك فيها كل من أولئك القادة الأربعة عشرات المرات من قبل، بهدف تخدير أي رئيس أمريكي جديد يعتقد أن الأمور يمكن أن تتغير. وتخيلتهم يتصافحون بعد ذلك، كالممثلين الذين يخلعون ملابسهم ويزيلون مساحيق التجميل عن وجوههم في الكواليس، قبل العودة إلى العالم الذي يعرفونه.
عالَم حيث يستطيع نتنياهو أن يلوم عباس على عدم الوصول إلى السلام، فيما هو لا يوفر جهدا لإضعافه، وحيث يستطيع عباس أن يتهم إسرائيل علنا بارتكاب جرائم حرب، فيما يتفاوض بهدوء مع الإسرائيليين لعقد صفقات تجارية.
وحيث يستطيع القادة العرب التباكي على معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، فيما قوات أمنهم تقمع بلا رحمة المنشقين والمعارضين، الذين يمثلون تهديدا لسلطتهم. وفكرت في جميع الأطفال سواء أكانوا في غزة أم في المستوطنات الإسرائيلية أم في شوارع القاهرة وعمان، الذين سيكبرون وهم لا يعرفون غير العنف والقمع والخوف والكراهية، لأن أي من القادة الذين التقيتهم لا يعتقد في سرّه بأن بالإمكان تحقيق أي شيء آخر. عام بلا أوهام ... هذا ما يسمونه ". انتهى الاقتباس.