100 يوم من العدوان .. ماذا بعد ؟!
حملت تلك المئة يوم التي مضت الكثير من التحولات الجذرية العميقة في الصراع مع العدو الصهيوني.
ثمة حقائق ترسخت على الأرض منذ 7 أكتوبر أهمها أن هزيمة دولة الكيان باتت امراً واقعاً وليس متوقعاً فحسب، فهم ينتقلون من فشل الى فشل، ومَن يراقب السلوك الاسرائيلي يرى بوضوح التخبط والعشوائية التي ترجمتها الوحشية والابادة الجماعية والتهجير القسري دون جدوى أو مبرر، بالإضافة للمجازر وجرائم الحرب التي ارتكبتها ضد المدنيين عندما فشلت في تحقيق ولو هدفاً واحداً مما اعلنه نتنياهو وقادة الجيش الهزيل منذ بداية العدوان والمتمثلة بالقضاء على حماس وقوى المقاومة وتحرير الأسرى.
الحقيقة الثانية الماثلة للعيان للقريب والبعيد هي أن حماس والمقاومة باتت اليوم الجزء الأهم في المعادلة، لا يجوز ولا يصح التعامي عنها او القفز عن دورها الرئيس ، وأن مَن يقاطعها او يتجاهلها إنما يخسر من قدرته على التأثير في مشهد القضية بمقدار ما يبتعد عنها. فهي ليست حاضر القضية الفلسطينية فحسب بل هي مستقبلها خاصّة عندما توضع الحلول السياسية المقترحة لما بعد الحرب سواء في غزة او الضفة وفي الشتات الفلسطيني وحق العودة ، وعليه فليس مقبولاً من الولايات المتحدة الأمريكية أن تستمر بتصنيف حماس وقوى المقاومة كمنظمات " ارهابية " وانما هي وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة حركات "تحرر وطني" ، وهذه النظرة يجب أن تنسحب على المأسورين برؤيتها والذين قيدوا انفسهم بتلك الرؤية الأمريكية وعجزوا حتى اللحظة عن اعادة قراءة المشهد بمعطياته الجديدة.
المسألة الاخرى المهمة بعد المئة يوم من الصمود الاسطوري لاهلنا في غزة وبعد كل هذه العذابات وتلك التضحيات هي أنه بات من حقهم رفع الحصار عنهم بشكل كامل واعادة اعمار ما هدمته آلة القتل والدمار الاسرائيلية من غير ابتزاز او مساومة، وهذا حق طبيعي وجانب انساني كفلته القوانين الدولية مع عدم ربطه بالتفاوض مع المقاومة على قضايا سياسية او مسائل عسكرية مثل الترتيبات في غزة ومن يحكم غزة وصفقة تبادل الاسرى وغيرها.
وفي جانب الحلول السياسية لما بعد العدوان باعتقادي ثمة مسارين كليين تتجه لهما الاحداث : إما استيعاب حماس وقوى المقاومة في الجسم الفلسطيني - واعني هنا تحديدا منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية - لطرح حلول سياسية تتضمن زول الاحتلال واقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وفق جدول زمني محدد يشهد عليه المجتمع الدولي .
وإما " ديمومة الصراع " العسكري كل عامين او ثلاثة على أبعد مدى كما تشير معطيات الاحداث منذ 2008م حتى الآن .
واعتقد ان هذا الخيار بالرغم من صعوبته له كل المقومات التي تدعمه؛ فسلاح المقاومة موجود الآن وبعد انتهاء العدوان، والشعب الفسطيني حاضر ومتشبث بارضه وحقه، والدعم الشعبي من كل انحاء العالم العربي والإسلامي واحرار العالم ايضا موجود ومتوفر وربما يزداد.
لقد قلّصت معركة طوفان الأقصى كل المساحات الرمادية وقضت على انصاف الحلول واوضحت الطريق أكثر فأكثر امام مسار القضية الفلسطينية ومستقبلها.