ماذا بعد قرار محكمة العدل الدولية بفرض التدابير المؤقتة...؟؟؟



ان قرار محكمة العدل الدولية بفرض تدابير مؤقتة ردا على دعوى الابادة الجماعية التي تقدمت بها جنوب افريقيا ضد اسرائيل ، يعد خطوة مهمة رحبت بها الدول المحبة للسلام والساعية له ، ونددت به اسرائيل ومنظومة الدول الغافلة عن الحق الداعمة لها، حيث تعد هذه الخطوة قفزة الى الامام في مسار مساعدة الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له من المزيد من المعاناة والضرر الذي يتعذر اصلاحه ، وهو يعد سابقة تاريخية لا مثيل لها في الصراع العربي الاسرائيلي.

وان كنا نطمح ان يتضمن قرار المحكمة وقف فوري لا طلاق النار وكافة الاعمال العدائية ، الا يبدو ان هيئة المحكمة لم تتوافق على هكذا اجراء، وخشية من تسرب الاجماع وتفادياً للتجاذبات والاختلاف بوجهات النظر لجأت الى القرار التوفيقي الذي حظي بإجماع كافة الاعضاء باستثناء العضو الاسرائيلي الاضافي والقاضية الاوغندية المتصهينة التي تبرأت منها دولتها، وعلى اية حال فأن ما جاء بهذا القرار يشكل انتصاراً للحق وخطوة دافعة لا نهاء الحرب، حيث ان تنفيذ الاجراءات الوقتية يتطلب ضمنيا وقف الاعمال القتالية، وبهذا تكون دعوى جنوب افريقيا قد قبلت من حيث اختصاص المحكمة التي اعلنت بقرارها ذلك، وهي بهذا تكون قد ردت طلب اسرائيل من ان المحكمة غير مختصة بالفصل بالنزاع، كما وان فرض التدابير المؤقتة على اسرائيل بالاستناد الى ظاهر البينة المقدمة، هو بمثابة ادانة ضمنية لإسرائيل بارتكاب اعمال ابادة جماعية للشعب الفلسطيني الذي يعتبر جماعة محمية بموجب اتفاقية منع الابادة الجماعية التي سبق وان صادقت عليها .

وحيث ان اسرائيل قد مثلت امام المحكمة كمدعى عليها وقدمت مرافعاتها فهي بهذا تقر باختصاص المحكمة وهي ملزمة بتنفيذ قراراتها، وعليه فهي ملزمة بوقف قتل المدنيين ومنع الابادة الجماعية والتحريض عليها، كما انها ملزمة بالحفاظ على الادلة الموجودة على الارض ويحضر عليها طمس معالمها، كما انها ملزمة بتسهيل تقديم المساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني المحاصر، علاوة على تقديم تقرير في غضون شهر يبين كافة الاجراءات التي اتخذت بهذا الخصوص، والا عدت رافضة للانصياع لقرار المحكمة وما يترتب على ذلك من تبعات.

ومهما يكن من امر فأن قرار المحكمة وحده لا يمكن ان يضع حداً لما يشهده الفلسطينيون في غزة من فظائع ودمار ، كما ان الاشارات المقلقة للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة وتجاهل اسرائيل الصارخ للقانون الدولي التي اعتبرت ان قرار المحكمة وصمة عار ويشكل معاداة للسامية وانحياز للجانب الفلسطيني ، الامر الذي يتطلب تظافر كافة الجهود الدولية للضغط على اسرائيل للانصياع لصوت الحق والعدل، وانفاذ كافة قرارات المحكمة من خلال جملة اجراءات تتوافق عليها الدول لجعل هذا الكيان منبوذاً يعيش بعزلة تامة من كافة الجوانب، مع وقف الدعم بالسلاح والعتاد والا عد من يفعل ذلك عرضة للمسائلة القضائية ، كما ويجب على قادة العالم المتمثل في الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة والمانيا ودول الاتحاد الاوروبي الاخرى وقف الانحياز لهذا الكيان الغاشم وتوفير الدعم المادي والعسكري والسياسي له ، والتعبير عن احترامهم لقرار المحكمة الملزم وتسخير كافة الامكانيات للوفاء بالتزاماتهم لمنع ابادة الشعب الفلسطيني والتأكيد على ان اسرائيل كيان يخضع للقانون الدولي الانساني شأنه شأن كافة اعضاء المنظومة الدولية .