انتصار حماس ام فشل "إسرائيل"؟
كتب زكي بني ارشيد
ما أعلنه الخبير الأمني الأميركي سكوت رايتر بانتصار حماس وفشل "إسرائيل" أثار جدلاً محدوداً وفتح المجال للنقاش والحوار بين اتباع المدرسة المحافظة، وغيرهم، حول صحة ومصداقية هذا التقدير.
المحافظون - مجازا - هم أصحاب مواقف متشائمة من نتائج الحرب ومنذ اللحظة الأولى، يرفضون الاعتراف بنصر المقاومة استنادا إلى ما انجزته
" إسرائيل" من دمار وقتل وخراب في غزة ، وبما ان الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ما استوجب التذكير بمبادىء المنهج العلمي في إدارة الجدل والاختلاف. ولان غياب الأدوات والمعايير التي تحدد معنى ومفهوم الفشل يصبح الرأي الرغائبي المبني على الموقف المسبق هو الحاكم والحاضر.
قبل الحكم على النجاح او الفشل، ما هي تلك المعايير؟ المنهج العلمي يربط الحكم بالفشل او النجاح بالأهداف المعلنة للاطراف المختلفة.
اهداف "إسرائيل" المعلنة هي :
1- اجتثاث او سحق حماس في غزة ( غزة بدون حماس ) بمعنى لا مستقبل لاي وجود للحركة سواء أكان عسكريا او مدنيا او سياسيا في غزة.
2 - استعادة الأسرى بالقوة العسكرية.
وبمقاربة لا تحتمل الإختلاف يظهر بأنه وحتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من الدعم الغربي الأميركي غير المحدود فلم يتحقق اي هدف من هذه الأهداف المعلنة او المخفية مثل تهجير الشعب الفلسطيني إلى خارج فلسطين، بل إن الهدنة التي تم بموجبها تبادل الأسرى في شهر نوفمبر الماضي، وموافقة "إسرائيل" على مبدأ وقف النار، من أجل التفاوض مع حماس ولو كان بشكل غير مباشر لأستكمال تبادل الأسرى يعني الاعتراف الضمني بفشل ذريع في تحقيق الهدف الاول وهو القضاء على الحركة التي عادت مباشرة أعمالها لإدارة مناطق شمال القطاع بعد انسحاب جيش الإحتلال منها.
اما وجه الفشل الثاني فهو العجز المؤكد في استعادة اي اسير حياً، الأمر الذي عمّق الازمة والانقسام الداخلي وأصبح مهدداً لفرط حكومة الحرب "الإسرائيلية" ومبشراً بالمزيد من الاستقطاب الذي لم يشهده الكيان من قبل،
اما مسألة الدمار والخراب فلم يكن هدفاً معلناً بل ولا تجروء "إسرائيل" على اعتباره او اعتماده كهدف لحربها في غزة مع الإشارة إلى ان محاكمة "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية انما يجري بسبب هذا الدمار الذي يشكل جريمة حرب وإبادة جماعية. اي ان ما اعتبره المحافظون المنهمكون بمتابعة عدّاد القتل والدمار انجاراً لجيش الاحتلال، لاستعادة قوة ردعه أصبح عبئاً على دولة الكيان، وتهمة تقف بسببة في قفص الاتهام الدولي لأول مرة في تاريخها، ما يمكن اعتباره وجه فشل إضافي وستدفع، ثمنه باهضا، وهذا ما اعلنه مسؤولون اميريكيون ومنهم وزير الدفاع لويداوستون الذي قال : قد تكسب "إسرائيل" تكتيكياً لكنها ستخسر استراتيجياً.
اخيرا التوازن وعدم التعصب لراي مسبق ومناقشة الأمور بعقل منفتح هو المطلوب.