خبراء سياسيون واقتصاديون يناقشون التداعيات السياسية والاقتصادية ل"طوفان الأقصى" على الأردن
- أكدوا ضرورة رسم استراتيجية أردنية جديدة بناء على التحولات العميقة التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى بما يخدم مصالحه العليا
أكد المتحدثون في الندوة التي أقامها مركز دراسات الأمة مساء اليوم بعنوان " التداعيات السياسية والاقتصادية لمعركة طوفان الأقصى على الأردن بعد مرور أربعة أشهر على المواجهة" على ما شكلته هذه المعركة من تحولات عميقة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وضرورة البناء على هذه التحولات التي تخدم القضية الفلسطينية وقضايا الامة في مواجهة المخططات الصهيونية.
المتحدثون في الندوة التي أدارها القيادي في الحركة الإسلامية حمزة منصور بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والحزبية والاقتصادية أكدوا على ضرورة أن يعيد الأردن حساباته وتحالفاته السياسية بما يحقق مصالحه العليا في ظل ما كشفت عنه مرحلة طوفان الأقصى سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع الكيان الصهيوني أو تحالفاته الدولية وعلاقته مع القوى الفلسطينية.
نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور جواد العناني أشار إلى عدد من الآثار الاقتصادية للمواجهة، مؤكداً أن المعركة العسكرية التي تمر بمراحلها النهائية ستتلوها معركة أكثر قسوة تتعلق بالجانب السياسي واستثمار نتائج المعركة التي جاءت نتيجة تخطيط وإعداد طويل الأجل، كما أكد أنه لا يمكن فك المصالح الأردنية الفلسطينية في مرحلة التفاوض القادمة المتعلقة بما بعد المعركة ووقف حالة استفراد الاحتلال بالطرف الفلسطيني، لا سيما في ظل الارتباط الأردني العميق بالقضية الفلسطينية.
وأشار العناني إلى أن ما أظهره سكان قطاع غزة من قدرة على الصمود وإعادة بناء ما دمرته الحروب الستة التي تعرض لها على مدى 18 عاما، مؤشر على ما يمكن أن يحققه من نهضة اقتصادية شبيهة بحالة هونج كونج إذا اتيحت لها المواد والفرص، مع إمكانية تحويل قطاع غزة إلى ميناء متقدم يستفيد منه الأردن اقتصادياً.
فيما اعتبر الوزير الأسبق الدكتور صبري اربيحات أن العالم يعيش حالة طوفان اجتماعي نتيجة المعركة التي اسفرت عن تشكيل طبقة جديدة في العالم وحالة من الانقسام على أساس حب الموت وترك الحياة وقدمت نماذج إنسانية من التضحية والصمود أعادت رسم الصورة الذهنية للحياة، حيث نجح اهل غزة في تقديم أخلاق الامة في الحرب والسلم والتعامل عبر ما قدمه المناضلون في غزة، في حين ان هذه المعركة كانت كاشفة لحالة انقسام الأنظمة العربية في التعاطي مع قضايا الأمة إلى عدة فئات، معتبراً أن النظام العربي يرتكب خطيئة عبر عدم الاعتراف بالمقاومة كحق شرعي وتركه لما يجري في غزة بلا رعاية من النظام الرسمي.
وأكد اربيحات أن معركة طوفان الأقصى قدمت نموذجا من الصمود ومراجعة الشارع العربي لخطاب الانتكاسة والإحباط وإظهار حجم الهوة بينه وبين الأنظمة الرسمية، حيث بدأ المجتمع يتلمس هويته ويستعيد جزءاً من وجدانه ووعيه، رغم أن الشارع العربي الذي انطلق كان بلا قوة مؤثرة وكشف مخاطر التباطؤ في تأسيس ديمقراطية حقيقية، كما أشار إلى ما نجاح مواقع التواصل الاجتماعي في تغيير حالة الوعي المجتمعي لدى الشارع الغربي وصولاً لتغيير في مواقف الدول الغربية فيما يتعلق بالصورة النمطية للفلسطيني المدافع عن أرضه وحقوقه والذي نجح في ترويض الغطرسة الإسرائيلية.
في حين أكد رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي الدكتور موسى اشتيوي أن معركة طوفان الأقصى كانت ملهمة للشعوب العربية، لا سيما الأردنيين، ونقلتهم من حالة اليأس والشعور بالخذلان إلى الأمل والقوة عبروا عنها من خلال لاحتجاجات والمقاطعة، مما استنهض الهوية السياسية الدينية لدى المجتمع الذي كان منخرطاً في التفاعل مع المعركة. كما اشار إلى ارتباط الأردن العميق بالقضية الفلسطينية والتأكيدات الملكية الدائمة على أنها شأن أردني، والتعامل معها وفق المحددات التي تحكم مصالح الدولة.
كما أشار إلى ما كشفته المعركة من أزمات لدى مختلف الاطراف المرتبطة بالقضية الفلسطينية، سواء الأزمة التي يعيشها الكيان الصهيوني او الولايات المتحدة التي ساهم السلوك الإجرامي للاحتلال فيها، في تحرير الموقف الأمريكي من "إسرائيل"، أو الأزمة التي تعيشها القوى الفلسطينية نتيجة حالة الانقسام، وأزمة المعارضة والنظام السياسي العربي والقدرة على الفعل المؤثر ، مؤكداً أن معركة طوفان الأقصى ستعيد رسم مسار الأمور في المنطقة والنظام الإقليمي والدولي وقلب المعادلات إقليميا ودوليا.