تأجيل اقساط البنوك لإنقاذ الأسواق



ظروف صعبة وقاسية تمر بها العديد من القطاعات الاقتصادية في بلدنا منذ بدء العدوان الغاشم على قطاع غزة والذي ترك آثاراً سلبية على قطاعات السياحة والنقل والخدمات وتجارة التجزئة والجملة والعديد من القطاعات الأخرى التي تراجعت بشكل كبير نتيجة انخفاض الطلب وحالة عدم اليقين التي تعيشها المنطقة والتخوفات من استمرار الصراع وتوسعه ودخول أطراف جديدة ميدان الحرب وبالتالي مزيداً من التصعيد والتوتر والذي انعكس على اقتصادات دول المنطقة من حيث تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر وانخفاض معدلات النمو وتراجع تدفقات العملة الصعبة بسبب انخفاض السياحة العالمية القادمة للمنطقة وكذلك انعكاس ازمة البحر الأحمر على حركة الصادرات والواردات والذي تسبب بحدوث ازمة حقيقية في وصول سلاسل التوريد وارتفاع كلف الشحن البحري مما يهدد نسب التضخم بالصعود مجدداً وهذا سيترك آثاراً خطيرة على اقتصادنا الوطني .

الحياة المعيشية للمواطن تأثرت بسبب تلك التداعيات فتراجع الدخل و ثبات الرواتب وانعدامها عند بعض العاملين في القطاعات التي تأثرت بسبب العدوان و حالة الركود التي تعصف بالأسواق نتيجة عزوف المواطنين عن الشراء وكثرة الالتزامات المالية على المواطن المقترض تحديداً والذي دفع ثمناً كبيراً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة ١١ مرة خلال الفترة الماضية مما تسبب بارتفاع قيمة الأقساط البنكية المترتبة عليه والتي حدت من قدرته الشرائية مما انعكس سلباً على القطاعات الاستهلاكية .
 

لم تواجه حكومتنا الأزمة الحالية بخطة مالية طارئة لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الاثار السلبية التي لحقت به ولم نسمع عن قرارات اقتصادية جريئة لمساعدة القطاعات المتضررة تحديداً على تجاوز هذه الأزمة والتي قد تكون اصعب من ازمة فايروس كورونا والتي تركت تحديات عديدة بسبب ارتفاع نسب الفقر والبطالة وارتفاع المديونية.

كان لا بد من تدخل مؤسسة الضمان الاجتماعي وإطلاق برامج لحماية العاملين في القطاعات المتضررة وكذلك البنك المركزي ومن خلال البنوك المحلية ولضمان توفير السيولة المالية للمواطنين وتخفيف الأعباء عنهم ولإنعاش الحركة التجارية وتحفيز الأسواق وتزامناً مع قرب حلول شهر رمضان المبارك وما يحمل هذا الشهر الفضيل من زيادة في المصاريف والنفقات لدى الاسر الأردنية .

نعلم أن قرار تأجيل الأقساط هو شأن خاص بالبنوك وهي شركات لها قراراتها المستقلة ولكن الظرف صعب والأزمة التي تمر بها القطاعات الاقتصادية والمواطنين تؤثر سلبا على مؤشرات الاقتصاد الكلي وتأجيل قسط شهر في السنة لن يؤثر كثيراً على أداء البنوك التي تعاظمت أرباحها ووصلت إلى ارقام قياسية حيث تجاوزت أرباحها القائمة اكثر من اربعة مليارات دينار و استحوذت سبعة بنوك قائمة اكبر عشر شركات تحقيقاً للأرباح ،تاأجيل الأقساط على الموطنين ليس هو الحل لما يعانيه المواطن اليوم ولكن قد يكون احد الحلول التي قد تسعف المواطنين والأسواق وتحرك عجلة الاقتصاد حتى لو كان ذلك مؤقتاً.


* خبير اقتصادي