العصا اسرائيلية والجزرة المزيفة امريكية والمأزق عربي بامتياز..
كتب أ.د احمد القطامين *
يعتبرعدوان الكيان على غزة حدثا تاريخيا غير مسبوق بفضاعته وساديته وقدرته الهائلة على انتاج اعلى مستويات من الاجرام البشري باكثر تشكلاته وحشية وعلنية وافتخارا من قبل من يمارس ذلك الاجرام. انها حالة مركبة ونادرة جدا في التاريخ ان يتباهى القاتل بجريمته ويجد من يدعمه بشتى انواع الدعم وعلنا، ويزوده بكل ادوات تعميق الجريمة وزيادة حدة القتل والاجرام ويتم استقبال ممثلي القاتل وداعميه بالسجاد الاحمر عند اطراف بيت الضحية في الجوار.
عجيب ان نعيش لنشهد هذا المستوى البشري من الانحطاط، فكيف للبشرية ان تكون كذلك في القرن الواحد والعشرين حيث يفترض من منطق التطور التراكمي للنظم القيمية لدى الانسان ان لا يتغاضى او ان يسمح بجرائم بهذا المستوى من التدني والانحطاط والسادية المنفلته من كل عقال ان تحدث؟
ليس ذلك فحسب، بل ان اطراف الجريمة يتبادلون الادوار فيما بينهم علنا وعلى رؤوس الاشهاد وهم يدفعون الجريمة باتجاه تحقيق نهاياتها الكارثية، فالاسرائليين يقومون بدور مرتكب الجريمة فيقتلون البشر نساء واطفالا وشيوخا وشبابا بنية معلنة وليس من وراء ستار ويدمرون المعالم المدنية والمساكن والمؤسسات التعليمية ودور العبادة لكل الاديان ويجرفون الشوارع ويخلعون الاشجار ويطلقون النار على الماشية لقتلها خشية ان يأكل لحمها الاطفال الذين يواجهون ابشع مجاعة من صنع البشر في التاريخ، كل ذلك لجعل الارض غير قابلة للحياة عند انتهاء العدوان بنية تهجير ما يتبقى من سكان غزة بعد قتل ما يستطعون منهم.
اما الامريكان فيقومون بدور طالما ابدعو بتأديته على مر تاريخهم وهو دور من يلقي الجزرة المزيفة لمشاغلة الضحية بينما يتم الاجهاز عليها. فلامريكان يقومون علنا بتوفير الدعم العسكري المهول لتمكين اسرائيل من الاستمرار في القتل ويزودونهم بالمال الوفير لدعم اقتصاد الحرب خشية الانهيار، ويوفرون الدعم السياسي وذلك بحماية اسرايل في المحافل الدولية لمنع الاساءة لمجهودها الحرب، وتقوم بتهديد ام ضرب او مذايقة من يحاول من القوى الاقليمية ان يساهم في دعم صمود اهل غزة، بينما تلقي جزرة صغيرة مزيفة تعد العرب فيها ان الدولة الفلسطينية قادمة بعد الحرب وفي نفس الوقت تطلب من نتنياهو السياسي المتعجرف والشيطاني ان يعلن رفضه للموقف الامريكي الداعي لاقامة دولة فلسطسنية مستقلة لحل الازمة في المنطقة.
اما العرب فانهم يعيشون في غفلة تاريخية لم يسبق ان تجلت في التاريخ كما تتجلى الان، فهم مقسمون الى عدة اقسام منهم من يدعم المجازر الاسرائيلية سرا واحيانا علنا، ومنهم من يصدق حقيقة الجزرة الامريكية ويعتبر ان ما تدعيه امريكا حول الدولة الفلسطينية المستقلة عرضا حقيقيا، ومنهم من يمارس دور النعامة عندما تدفن رأسها في الرمال وتعتقد انها غير مرئية للاخرين..
ان العرب في مأزق تاريخي غير مسبوق، وتشير قوانين الطبيعة الى ان المرجل الذي يغلي فيه الماء سيصل حتما الى نقطة يبحث فيها بخار الماء الهائج عن نقطة ضعيفة ما في جسم المرجل لتحدث الانفجار العظيم..
qatamin8@hotmail.com