هل يخاطر العالم بالاعتماد على قوة الاقتصاد الأميركي والدولار؟
يقول تقرير بوكالة بلومبيرغ إن الاعتماد على قوة اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية لدعم النمو العالمي، يشكّل مخاطر كبيرة على الدول الأخرى، وعلى أميركا نفسها.
وحسب التقرير، فإن الاقتصاد الأميركي يشهد فائضا في الوظائف، واستمرار المستهلكين في الإنفاق بثقة، في حين ارتفعت الأسهم إلى مستوى قياسي في فبراير/شباط الحالي، ونما الاقتصاد العام الماضي بأكثر من حجم الاقتصاد الإسباني، أو الإندونيسي.
ويضيف التقرير أن أسعار الفائدة المرتفعة والدولار القوي يشكلان عبئا على الأسواق، في حين لا تظهر الصين وأوروبا أي علامات لأخذ زمام المبادرة.
ركود صيني وأوروبي
في المقابل، لا تزال الصين غارقة في مستنقع الركود نتيجة أزمة قطاع العقارات، وقد تخارج مستثمرون أجانب من البلاد وسط تراجع سوق الأسهم التي فقدت 7 تريليونات دولار منذ ذروتها في أوائل 2021، كما انخفضت الأسعار لثلاثة أرباع متتالية، وهي أطول سلسلة انكماشية منذ الأزمة المالية الآسيوية، في أواخر التسعينيات، وفق بلومبيرغ.
وفي أوروبا، انزلقت بريطانيا إلى ركود معتدل في النصف الثاني من 2023، وصارت ألمانيا معرضة لخطر الانكماش مجددا في 2024، وهو ما يجرّ معه بقية منطقة اليورو، في حين سقطت اليابان بشكل غير متوقع في حالة ركود العام الماضي.
ونقلت بلومبيرغ عن كبير الاقتصاديين في موديز أناليتيكس، مارك زاندي، قوله "سيستمر الاقتصاد الأميركي في التفوق على الاقتصادات في معظم أنحاء العالم هذا العام، خاصة في الصين وأوروبا".
التضخم وقوة الدولار
وفق بلومبيرغ فقد أدى ارتفع أسعار المستهلكين إلى توقف التقدم في كبح جماح التضخم في الولايات المتحدة، مما خيّب الآمال بإمكانية أن يبدأ الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) في خفض الفائدة قريبا، ويبقي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة تكاليف الإقراض عالية في جميع أنحاء العالم، خاصة عند الاقتصادات الناشئة التي تقترض بالدولار.
ولا تزال قوة الدولار الأميركي تشكل تحديا هائلا، ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن ارتفاع قيمة العملة الأميركية بنسبة 10% يقلل من نمو الاقتصادات الناشئة بنسبة 1.9% بعد عام واحد، مما يؤثر في التجارة وتوفر الائتمان وأداء سوق الأوراق المالية.
علامات الضعف بالاقتصاد الأميركي
لكن تقرير بلومبيرغ أشار إلى أن استمرار قوة الاقتصاد الأميركي ليست من المسلَّمات، وقد بدت بعض مواطن الضعف فيه، إذ تراجعت معنويات الشركات الصغيرة الشهر الماضي من أكبر انخفاض منذ أكثر من سنة، متأثرة بتراجع الأرباح وتوقعات المبيعات، وفق الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة.
وزادت ديون الأميركيين عبر بطاقات الائتمان، ما يضغط على الأسر ذات الدخل المنخفض بشكل خاص. وكان متوسط الفائدة على حسابات بطاقات الائتمان مع الفائدة المقدرة 22.75%، وهو أعلى مستوى في بيانات بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي منذ 1995، في حين كان متوسط سعر الفائدة على قروض السيارات لمدة 60 شهرا هو الأعلى في 2006.
وثمة تهديد آخر يتلخص في الضعف المتزايد لاقتصادات الصين وأوروبا، وهو ما من شأنه أن يعرّض الولايات المتحدة لصدمة قد تترك العالم بلا قائد للنمو.
وحذَّر رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو، أوستان جولسبي، في 14 فبراير/شباط الجاري، من الرضا عن النفس بشأن الكيفية التي قد يؤثر بها التباطؤ العالمي الأعمق، أو الصدمة الجيوسياسية في الولايات المتحدة.
وأضاف أن الاقتصاد الأميريكي لا يعتمد على الاقتصاد المحلي فقط، محذّرا من أن المزيد من الضعف في الاقتصادات الكبرى الأخرى في العالم يمكن أن يكون له تأثير كبير في الولايات المتحدة.
لكن في الوقت الحالي يبدو أن الاقتصاد الأميركي سيظل متفوقا على اقتصادات العالم، إذ قال عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، غابرييل مخلوف في فبراير/شباط الحالي، إن التوقعات قصيرة الأجل لاقتصاد منطقة اليورو تشير إلى الركود في مواجهة ظروف التمويل الأكثر صرامة (مع ارتفاع الفائدة)، وضعف ثقة الأعمال والمستهلكين، وانخفاض الطلب الأجنبي.
المصدر : بلومبيرغ