خصائص خرّيج النظام التربوي الأردني، ومواصفاته


تسع ميمات (مقال 2) :

  في المقال السابق، تم عرض النموذج " تسع ميمات "مع بعض التمهيد له في المجالين: السياسي والتربوي، كون هذا النموذج موجّها للدولة تتضح فيه خصائص الإنسان الأردني، ومواصفاته المتوقعة منه في حمل طموحات الدولة، والعمل على إنجازها، مع الأخذ بعين النظر والأهمية أن النظام التربوي هو أداة الدولة - أيّ دولة - في تشكيل أفراد مجتمعها بالشكل الذي تريد؛ من أجل تقليل الاختلافات بين مكوّناته واحترامها، وتعظيم القواسم المشتركة لديه.

ولما كانت شخصية الفرد – أيّ فرد - هي خلاصة كل الجهود التي بذلها، وحمل أعباءها، متّخذا من وعيه الحياتي المتدرج، ورؤيته الخبراتية البنّاءة نموذجا واقعيّا في تشكيل إطاره الفكري الموجّه لسلوكاته وتطلعاته، فقد تم تشكيل هذا النموذج من زاوية الرؤية الحميدة على جوانب الشخصيّة الثلاثة: العقلية، والاجتماعية النفسية، والوجدانية (العاطفية).

وتاليًا، نعرض لخصائص هذا النموذج ومواصفاته، ثم لجوانب الشخصيّة مقابل الخصائص والمواصفات التي تمثلها: (متعلم، مفكّر، معرفيّ، محترم، متمكّن، مثابر، متواصل، متطلّع، منفتح).

أمّا جوانب الشخصيّة، فهي :

الجانب العقلانيّ الأكاديميّ…….…. متعلّم، مفكّر، معرفيّ.

الجانب القيميّ الوجدانيّ… محترم، متمكّن، مثابر.

الجانب الاجتماعيّ النفسيّ… متواصل، ،متطلّع، منفتح.

وهذا النموذج يندرج مدعَّما في المفاصل، والثوابت الآتية:

- التكامل والتداخل الذي تقبله، وتحتاجه الشخصيّة الواحدة المتوازنة.

- تغليب التعلم الذاتي، والفضول الذي يُذكي، ويقود إلى المثابرة، والتطلع المستقبليّ.

- مهارات التفكير وإنتاج المعرفة، وقبول الآخر، مع المرونة وحسن الخطاب.

- زيادة مساحة الدَّور الاجتماعيّ، والانفتاح على الآخر، والتفاعل المتبادل معه.

- تشرُّب القيم، ورفع درجة الذكاء العاطفيّ؛ من أجل زيادة منسوب ثقة الفرد بنفسه، وموثوقية الآخر فيه.

إن دور مؤسّسات النظام التربوي في أي دولة أن تنبري بقوة، وحكمة لتحقيق هذه الخصائص والمواصفات لدى كل فرد، عبر عمليات النظام التربوي، وعلى ميدان بيئات التعلم الحاضنة التي وفّرها، وبعد أن مكّن هيئات التعليم، والإشراف، والإدارة فيها بما يلزمهم من كفايات ومهارات، وبعد أن أقرّ التشريعات الضامنة لتحقيق كل ذلك بسلاسة وانضباط. إذ لا بدّ من وضع المؤشرات التي تضمن للمقوّمين الإنجاز المرحليّ والنهائيّ الذي يوضّح بشفافية مدى تمكّن كل فرد من إتقان هذه الخصائص، والمواصفات ومواكبتها، مع أنها تظهر على الفرد بشكل متكامل ومتداخل. وقد تفيد هذه التلميحات في وضع المؤشرات لكل خاصيّة، وصِفة من الآتية:

متعلّم، نَهِمٌ معبّأ بالفضول ومتابعة كل جديد.

مفكّر، يتقن جميع مهارات التفكير المنطقيّة، والإبداعيّة، ويوظفها في حياته اليوميّة.

معرفيّ، قادر على اشتقاق المعرفة من كمّ البيانات، والمعلومات التي يصل إليها، ويعمل على غربلتها وتقليبها وفقا للمعايير التي تخدم غاياته.

محترم، يتمتع بقيم تشرّبها، وسلك بتوجيه منها سلوكا محترما،

متمكّن من المهارات اللازمة لتفاعله الناجح مع محيطه على مرّ السنوات.

مثابر، لا يعرف الفشل، ويستثمر دافعيّة الإنجاز بتفوق.

متواصل، قادر على التفاهم مع الآخر بوضوح وشفافيّة وإيجابيّة، بكل أشكال التواصل الممكنة، بما فيها لغة الجسد المعبّرة.

متطلع، طموحه عالٍ، يرتفع بسقفه بوعي مدروس بعد كل مرحلة وإنجاز، في ضوء استشرافه المستقبل، وقراءته الظروف، والمتغيرات التي قد يرى بعضها يطل برأسه، ويتوقع بعضها الآخر المختفي غير الناضج بعد.

منفتح على جميع الأفكار والأطياف، محليّا ودوليّا بما يضمن توسيع ثقافته، ورجاحة قراراته.

من هنا، يمكن القول، والخطاب للدولة، وليس للحكومة: إن مستقبل الأردن المزدهر يتوقف على أمرين اثنين كلاهما في غاية الأهمية، وهما: الحفاظ على الشخصية القويّة المتوازنة للإنسان الأردني من جانب، واحترام الاختلافات بين مكوّنات المجتمع الأردني، وتعظيم قواسمه المشتركة من جانب آخر. وكل هذا ينبثق من الدَّور الرئيس الذي يقع على عاتق النظام التربوي. وهذا سيكون موضوع المقال القادم.

حمى الله وطننا الأردنّ، وثبّت في ناسه حبّه، والإخلاص له!!.