دفعت الثمن؛ حين قلت: “نعم”!!

  في تقاليدنا، وفي تربيتنا نعطي القيمة والعلامة الكاملة لمن يقول: "نعم”!

"نعم” هي الطاعة والقبول!

"نعم” هي التكيف والإذعان، وكل صاحب سلطة يفرِض عليك كلمة: "نعم”

المعلم، الوزير، المدير، الأب، الأم، حتى الأخ الأكبر، وكلهم يطلبون: "نعم”! ويرفضون كلمة: لا اللعينة التي يجب أن لا نقولها إلّا في التشهّد!!

ألم يقل شاعرنا مادحًا:

ما قال "لا " قطُّ إلّا في تشهُّدِه

لولا التشهُّدُ كانت لاءَهُ "نَعَمُ”!

وفي أغانينا؛ أمّة نعيمة! "نعمين"!!

وفي برلماننا، نادرًا ما يتجرأ أحد على قول: لا فيقال: "نعم”! ""نعم” ونصّ".

إذًا كلمة "نعم” مفضلة، وكلمة لا قد تقودك في عملك إلى التهلكة، فمديرك يريد "نعم”، و”نعم” فقط.

وفي مدرسة أبنائك تنتظر أن يقولوا لك: ابنك، أو ابنتك مطيع هادىء يسمع "الكلمة".

فالأهبل "أبو "نعم”" هو النموذج المطلوب، وهكذا نحن في سجون عديدة اسمها؛ "نعم”

(01)

تحرَّر من سجونِك

يعيش كل منا في سجون "نعم”!

"نعم” للعادات والتقليد، "نعم” للعائلة والعشيرة؛ "نعم” للإدارة، "نعم” للسُّلطة، "نعم” للحزب، وربما "نعم” للصديق و”نعم” للحبيب!

طبعًا لا مشكلة في "نعم” إن كنت قابلًا ومقتنعًا! لكن المشكلة هي أن تقول: "نعم”، وأنت غير قابل بذلك!

كم من ""نعم”" دفعنا ثمنها غاليًا؟

كم من "نعم” أبقتنا في المكان نفسه؟!

كم "نعم” رافقنا ألمها طول العمر؟

التقاليد سجن يجبرك أن لا تتغير!

والروتين سجن آخر يلغي وعينا !

والعشيرة تلزمك بإلغاء جزء من الذات! والوظيفة تلغي جزءًا آخر!

أما الحزب، فيلغي كل فكرك، ويجعلك عازفًا أو برغيّا في الآلة!

وكما قلت: هذا لا يعني أن ترفض هذه السجون! فقد يكون السجن هو الحرية إذا كان من خيارك، وكذلك الوظيفة، وقبول واقع ما.

ولكنه ليس كذلك، إن كان واجبًا مفروضًا!

المشكلة في هذه السجون أنها تقودك إلى تقبّل الجمود الفكري والحركي!

(02)

صفات السّجين

عرفنا أن السجون عديدة، بل إنّ كلّا منا سجّانٌ لغيره إذا طالبه بالامتثال والمسايرة. فما المطلوب؟

يُقال: لا تبقَ في وظيفة واحدة طوال عمرك حتى لا تكون شجرة! ولا تقف عند رأي واحد حتى لا يصبح حجابًا!

فالتكيّف سجن يشعرك بالمسايرة، والراحة، والتوافق!

لعل المطلوب في أن تكون مغايرًا، خارجًا عن المألوف! وهذا يتطلب أن تكون قادرًا على أن تقول: لا، وبقوّة!!

فهمت عليّ جنابك؟!