عاجل - الهاسبارا الاسرائيلية: سلاح من أجل الترويج لسرديات مخادعة لأوجه الإبادة الجماعية



كتب نضال العضايلة - 


في كل حرب تخوضها إسرائيل، يظهر مصطلح هاسبارا إلى الواجهة، لا سيما عند الحديث عن الوسائل التي تتبّعها لتحسين صورتها في العالم وتبرير جرائمها.

وهاسبارا باللغة العبرية تعني الشرح أو التفسير، أمّا إسرائيل فتستخدمها كتقنية دبلوماسية عامة تربط حرب المعلومات بأهدافها الاستراتيجية من أجل تبرير ما لا يبرّر.

كما تعد من الاستراتيجيات المعتمدة من أجل بناء صورتها في الخارج، وهي صورة تواجه انتقادات منذ إنشائها في العام 1948، وأيضاً من أجل تفسير سياساتها، وتقديم تقارير عن الأحداث ونشر معلومات إيجابية عنها لمواجهة أي نقد تتعرّض له.

وفي الحرب الحالية، اعتمدت الهاسبارا كسلاح إضافي من أجل الترويج لسرديات مخادعة عن كلّ وجه من أوجه الإبادة التي ترتكبها إسرائيل.

هاسبارا هي كلمة عبرية تعني «الشرح» أو «التوضيح» وفي الحقيقة يستخدم من قبل الحكومة الإسرائيلية ومؤيديها لوصف المجهودات التي تقوم بها دولة إسرائيل وأنصارها لتوضيح وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية وتعزيز إسرائيل في مواجهة الصحافة السلبية ومواجهة ما تعتبره نزع الشرعية عن إسرائيل في جميع أنحاء العالم ولشرح سياساتها وتبرير أفعالها والدعاية لإسرائيل على وجه العموم. هسبارا يعني «تفسير»، وأيضا كناية عن الدعاية أو البروباغاندا.

لطالما اعتمد العدو الإسرائيلي استراتيجية الدبلوماسية العامّة للسيطرة على الرأي والتحكّم بالسرديات والتلاعب بالمعلومات. اذ يدرك أنّ الوعي والإدراك يصوغان الواقع والحقيقة، وأنّ أساليب التضليل من شأنها حرف وتزوير الحقائق وجعل المجرم والضحيّة متساويين. ويفلت الاسرائيليون من المحاسبة أو حتى المساءلة عن جرائم ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يرتكبونها بتماد منذ اكثر من 70 سنة. فبواسطة التضليل وتشويه الحقائق واخفاء الأدلة والشواهد، تواجه مؤسسة «الهاسبارا» الإسرائيلية أي محاولة لإدانة «إسرائيل» وممارساتها وتسعى الى اعتراض موجات التعاطف مع القضية الفلسطينيّة في كل ارجاء العالم. وتنشط الكترونياً حيث يمكنها ان تصل بواسطة شبكة الانترنت الى اكبر عدد من الناس.

وتسعى «هاسبارا» إلى تحقيق جملة من المهام والأهداف اهمها، التوجّه لكلّ الشعوب والمجتمعات ومخاطبة كلّ حسب ثقافاته وعاداته وتوجّهاته الفكرية والعقائدية من أجل اللّعب على التناقضات والعواطف والمشاعر بما يخدم مصالح الصهيونية، تارةً من خلال سرديّة المظلومية اليهودية عبر التاريخ، وطورًا من خلال سردية الوجود بحكم القوّة والأمر الواقع وإظهار الكيان بوجه حضاري والعمل على أنسنة المحتلّ.

بالإضافة إلى تبرير الهمجية والوحشيّة تحت عنوان «محاربة التطرّف والإرهاب»، واختلاق الوقائع وقلب سياقها في إطار تزييف الأحداث وتشويه الحقيقة والتلاعب بالوعي وحرف الأنظار عن المجرم الحقيقي، وتحوير أي نقاش أو نشاط معارض لـ«إسرائيل» وتحويله إلى نشاط «معاد للساميّة»، وهي «تهمة» يعاقب عليها القانون في بلدان عدّة.

كما تسعى إلى تشويه سمعة أي جهة تنتقد «إسرائيل» ولو بالشعارات والخطابات (المنظمّات الدولية مثالاً)، وترويج صفة «اليهودي الكاره لنفسه» ضدّ اليهود المعارضين لـ«إسرائيل» وأفعالها، وكذلك الترويج لفكرة أن «إسرائيل» ضحيّة وهي جهة بريئة تتعرّض لتهديد إرهابي وبالتالي فإن أي انتقاد موجّه لها سيتحوّل إلى تبرير للإرهاب.

دفع شركات الإنترنت الكبرى لاتخاذ تدابير صارمة بحقّ الأصوات المعارضة والتواطؤ معها لقمع الرأي الآخر وإغلاق الحسابات المنتقدة واعتبارها حسابات «معادية للساميّة» (يتمّ حذف الآلاف من المنشورات والحسابات المتعاطفة مع فلسطين على منصّات كفايسبوك وتويتر وتيك توك ويوتيوب وغيرها).

واقوم "هاسبارا" بالتبليغ عن الصفحات المعادية لـ«إسرائيل» والمتعاطفة مع القضية الفلسطينية حول العالم على رأسها صفحات «حملة مقاطعة إسرائيل BDS»، وكتابة التعليقات والردود على أي منشور ينتقد «إسرائيل» ويكشف ممارساتها الاجرامية.

وفي اطار الدعاية التي تستهدف الجمهور الغربي بشكل مركز، تسعى إلى الترويج لإسرائيل باعتبارها «دولة ديمقراطية» تتعرّض لحملات الكراهية من جيرانها من دون سبب.

ولم تكتفي بكل ذلك بل هي تعمل على إطلاق «زمالات الهاسبارا» وهو برنامج تجنيد متطوّعين إسرائيليين ومن غير الإسرائيليين لا سيما من طلّاب الجامعات في الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإضفاء «المصداقية والموضوعية».

وقد برزت هذه الحملات بشكل كبير لخلق تقارب مع الطلّاب والشباب العرب في هذه الجامعات لإضفاء شرعية مزعومة على غرار التقارب الحاصل على مستوى الحكومات من اتفاقيات التطبيع.