غزة تموت جوعا




المشاهدات من بعيد لا تكفي لمعرفة الواقع على حقيقته كما هو في قطاع غزة،لان كارثة الجوع اليوم، فاقت كل الكوارث الاخرى التي يواجهها الغزيون،الناجمة عن حرب الابادة الجماعية الشاملة التي يشنها الاحتلال الاسرائيلي على القطاع لليوم السادس والخمسين بعد المئة،بمشاركة امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا .

التجويع المتعمد لحوالي مليونين ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة ،جزء من حرب الابادة الجماعية الشاملة على الشعب الفلسطيني في القطاع،لكنه الاكثر فتكا وقتلا وهدما لصحة الانسان ،وتدميرا لكيانه ووجوده،واقتلاعا له من ارضه ومن الحياة بشكل عام.

بعد ايام سيشهد العالم على جريمته الانسانية والاخلاقية والادبية بنفسه،التي يرتكبها وهو يلعب دور المتفرج على جرائم الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة،سيشاهد العالم الذي فقد الضمير والانسانية بكل معانيها وتفاصيلها،عشرات آلاف الغزيين يموتون جوعا ،خاصة شمال ووسط قطاع غزة بسبب الحصار الاسرائيلي الخانق المفروض عليهم،ومنع الغذاء عنهم امام عجز وتواطؤ عالمي غير مسبوق،سوف تكون اكبر كارثة موت يشهدها التاريخ المعاصر بفعل الانسان وبني البشر وليس بفعل الطبيعة،او بسبب شح الموارد والجفاف والقحط وغيرها .

بعد ايام الكل سيموتون في غزة ،الطبيب والمهندس والمعلم والعالم والعامل والطفل والمرأة والشيخ والشاب ،وجميع الكائنات الحية الاخرى ،سيكون العالم شاهدا على عار صنعه بيده ،سوف يسجل وصمة مخزية على جبينه وجبين هذا الجيل من البشر ،وسيلعنه التاريخ وتلعنه الاجيال القادمة،لانه قبل ان يموت مئات الالاف من بني جلدتهم جوعا وتجويعا في غزة،ولم يستطع كل هذا العالم بقوته وعلمه وثقافته وحضارته وتعداده ،وما يملك من ادوات قادرة ان تنهي تجويع وجوع غزة خلال دقائق،لم يقدر ولم يرغب فعل اي شيء يجبر الاحتلال الاسرائيلي على وقف الحرب ،وانهاء كارثة الجوع والتجويع، في ارض حولتها حرب اسرائيل الى رماد وقاحلة خالية من الحياة،لكنها مليئة بالموت والموتى.

بايدن يجدد التأكيد مرة اخرى انه الوجه الاخر لنتنياهو،ويؤكد للمرة الالف ان لا خطوط حمراء ولا من اي لون ،يمكن ان تقف في طريق العلاقات الامريكية الاسرائيلية،ويرسل مئات الطائرات العسكرية الضخمة عبر جسر وقطار جوي ،محملة بالاسلحة والذخائر ،الى اسرائيل لقتل الفلسطينيين في قطاع غزة وتشديد الحصار عليهم وتجويعهم حتى الموت.

لم يعد هناك وقت للانتظار والمراهنة على اي شيء،فقد اغلق الاحتلال جميع مسارب الهرب والتهرب من المسؤوليات ،والاوضاع لا تحتمل التأخير والترقب،افهموها اعلنوها اقبلوها او ارفضوها ..غزة تموت جوعا ،غزة لا تنفعها دموعكم ولا دعاءكم بعد صلاتي الفجر والتراويح، وصلاة الجمع، ولا عويل احد ،غزة تبحث عن من يسكت المدافع والصورايخ التي تنهال عليها دون توقف منذ مئة وستة وخمسين يوما ،وينهي كارثة الموت جوعا فيها.