رمضانيات (٣) : يا ايها الناس في القران الكريم
…
جاء هذا الدين خاتما للرسالات، وقد جاء لكل الانسانية ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). جاء الخطاب القراني على شكلين؛ يا ايها الذين امنوا، وجاء كخطاب تكليف في غالبه كقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
الخطاب الاخر ؛ يا ايها الناس، وجاء لعدة اهداف منها وحدة الانسانية في خلقها وتنوعها كما في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). ومنها جاء بهدف الدعوة للتوحيد والدعوة لهذا الدين، واخرى في بيان المصير يوم القيامة كما في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ).
ورد خطاب (يا أيها الناس) في قرابة عشرين اية، كلها تجسد عالمية الرسالة، وهذا ما اكدته الاية ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). تشير بعض الايات الى حقيقة مسوولية الانسان عن افعاله ومحاسبته عليها، لذلك جاءت الايات صريحة بذلك كقوله تعالى ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى).
نستذكر غزة وفلسطين، ونحن نرى تعاطفا شعبيا عالميا مع أهل غزة، فكيف نستفيد من الخطاب القراني في التعامل مع ذلك الحراك العالمي؟.
ان فهم الرسالة وعالميتها وانسانيتها مهم جدا في ذلك، وان ادراك كرامة الانسان بأصل خلقه مهم ايضا ( ولقد كرمنا بني آدم). ان لغة المشتركات الانسانية مهمة، كتلك التي تتجسد في حفظ الحياة وحق العيش بكرامة والتكافل الانساني وتحريم الظلم سواء وقع على الفرد او الجماعات، من دلالة الخطاب القراني في هذا السياق حرمة القتل اذ جاء بالصفة الانسانية (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعا).
امام حقيقة العدوان؛ انه عدوان دول غربية تقف بكل قوتها مع العدو الصهيوني، وامام حقيقة خذلان دول اخرى، لربما ينجح خطاب المشتركات الانسانية - كالذي دفع بجنوب افريقيا لاقامة دعوى على كيان الاحتلال - في احداث تأثير على صناع القرار في وقف هذه الجريمة الكبرى.
وتقبل الله طاعتكم وعملكم وصوتكم الذي يوصل صوت الحق لكل البشرية.