سلامات يا دويري..



اثار غياب اللواء فايز الدويري عن شاشة الجزيرة الكثير من الاسئلة والتكهنات فقد اعتدنا على اطلالته كل يوم واحببنا حديثه وحماسه وعروبته التي تنفذ من نقاط الأحرف ووقع الكلمات.

لم يكن الدويري مجرد محلل عسكري لمناورة عسكرية او لحرب جرت في قارة اخرى ولم يستخرج الأحداث من صفحات التاريخ ...لقد كان بالنسبة لنا مديرا للتوجيه المعنوي وكان الراوي الذي يجمع البيانات ويسقطها على الخرائط وينسج لنا قصة تعيد ضبط دقات قلوبنا المتلهفة لسماع ما يطمئنها ويريحها.

على مدار اكثر من خمسة شهور كان اللواء الدويري مثل الدواء نأخذ منه جرعة عند كل نشرة فيشفي ارواحنا كان مثل الدرع الذي يقينا من بشاعة صور التدمير التي أراد منها العدو زراعة الردع في عقولنا ..كان مسبارنا ومصباحنا الليلي الذي يأخذنا الى أعماق الأنفاق ويطلعنا على ما تعنيه من منعة وقوة وبسالة .

نعم كلنا يذكر المقاوم الفلسطيني مهند رزق جبريل الذي قال مع اطلاق قذيفته نحو هدف العدو " حلل يا دويري" ونتذكر كيف بكى الجنرال الذي قال بأن هذا أفضل وسام حمله....

قلب الدويري الذي ابتهج لاخبار الكمائن وفعالية قذائف الياسين واحتراق الميركافا، غرق في الأسى من مناظر البيوت المدمرة والاشلاء المتناثرة ولم يعد يقوى فتعب ايما تعب...

الاخبار التي حملت نبأ وعكة الدويري الصحية دخلت بيوتنا وازعجتنا وانباء تعافيه وصحته وعافيته تفرحنا...

اللواء الدويري كان الصورة الابهى لرجالات قواتنا المسلحة واحترافيتهم ...وكان الناطق الاصدق بمشاعر كل اردني ممن لا مصلحة له غير نهضة الامة وعزتها وكبرياء ابناءها ..

في ملحمة النضال التي انطلقت في السابع من اكتوبر سطرت اسود المقاومة ابهى صور الشجاعة والإقدام بعدما اخترقوا حصون الاعداء ونفذوا الى الديار التي اخرجوا منها ففككوا منظومة الدفاع للجيش الذي تباهى بانه الاعظم والاقوى.

الغربيون يناصرون الأعداء بالمال والسلاح وبشرح الدوافع وخلق التبريرات لهذا العدوان الغاشم والغزيون الصابرون يقاومون ويموتون ويعلموننا دروسا في الشجاعة والتحمل والثبات ومعنى الحياة واشكال الموت...

في معارك الدفاع عن الامة التي استبسلت فيها المقاومة وهشمت الصورة التي حرص الصهاينة على اظهارها باعتبارهم الاقوى والأكثر تقدما والتزاما بالديمقراطية وحقوق الإنسان قدم العالم العربي القليل القليل واكتفى البعض بالادانة والاستنكار..

في هذا المشهد كان الدويري مثلنا جميعا يرى كل ما يجري بقلبه الذي تعب واحتاج الى تدخل واسناد....تحية لهذا الجندي الاردني الشجاع المحترف وتحية للاهل في غزة العزة وصمودهم وتضحياتهم.