هل العدوان الصهيوني " صبيحة الثلاثاء " على محيط دمشق اهداء لفوز بوتين؟!

 
(المصلحة الروسية في سوريا : أبدت روسيا تفهمًا لمخاوف الكيان الأمنية، وسمحت لها بتنفيذ المئات من الضربات الجوية داخل سوريا ضد الأهداف الإيرانية).

(شملت التفاهمات بين روسيا ودولة الكيان بان تغض موسكو الطرف عن قيام المقاتلات الصهيونية بتوجيه ضربات في سوريا ضد أهداف إيرانية، وذلك مقابل عدم استهدافها لقوات الجيش السوري).

(الطرفين الروسي والصهيوني بينهما تنسيق بموجب ما يسمى "آلية منع التصادم" ، لتجنب التصادم العسكري داخل الأراضي السورية وفي الأجواء، على أن يتم إخطار كل طرف للآخر عن الأهداف التي ينوي ضربها، قبل فترة محددة من الوقت).

لا تكاد تمر ايام محدودة في الاسبوع الواحد (وعلى مدار السنوات الخمسة التي خلت) الا وتقوم دولة المشروع الصهيوني البريطاني بتوجيه ضربات صاروخية الى مواقع متفرقة على الاراضي السورية ، والغريب في الامر بان الفضاء السوري وتحديدا غرب الفرات هو ضمن نطاق سيطرت صواريخ (اس) الروسية الجاثمة فوق الاراضي السورية في قاعدة حميميم على ساحل طرطوس السوري ..

السؤال ، لا بل اللغز المحير (سياسيًا وعسكريًا) : هل هناك تنسيق صهيوني روسي لشن هذه الغارات على بلد تحت سيطرت القرار العسكري الروسي ؟ .. وفي قرائتنا للمشهد فإننا نستطلع حيثيات قامت عليها دولة الكيان الصهيوني وبتواصل مساعيها لتوسيع نطاق التنسيق مع روسيا حول الملف السوري تحديدًا. وربما يمكن القول إن ذلك يكتسب أهمية خاصة من جانبها باعتبار أن هذا التنسيق يمثل مدخلًا مهمًا لمواصلة عملياتها العسكرية داخل الاراضي السورية، ضد المواقع التابعة لإيران والجيش السوري وحزب الله، وكان آخرها الضربات الصاروخية التي شنتها صباح اليوم الثلاثاء في 19 مارس / آذار 2024، واستهدفت منطقة محيط دمشق وتصاعدت الضربات الصهيونية على سوريا في ضوء التوتر الإقليمي منذ هجوم حماس على الكيان الصهيوني في السابع من أكتوبر /تشرين الأول 2023، حيث قُتل أكثر من ستة ضباط من الحرس الثوري الإيراني في غارات إسرائيلية مشتبه بها على سوريا منذ ديسمبر / كانون الأول 2023 ..

وللتذكير في سياق ما نحن بصددة بقمة سوتشي التي عقدت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينيت في 22 أكتوبر / تشرين اول 2021 ، التي تعد أول زيارة رسمية لبينيت إلى روسيا منذ توليه منصبه خلفًا لبنيامين نتنياهو في يونيو / حزيران 2021 ، كما جاءت الزيارة بعد ظهور عدد من المؤشرات بوجود توتر في العلاقات بين البلدين؛ بشأن تجاوز التفاهمات التي كانت قائمة بين بوتين ونتنياهو بخصوص سوريا "آلية عدم التصادم"، عكستها بيانات وزارة الدفاع الروسية التي دخلت لأول مرة على الخط، مع تفعيل أنظمة الدفاع الروسية لصد الهجمات الصهيونية في سوريا.

في إطار هذه التطورات، ثمة تساؤلات عديدة تفرض نفسها في هذا السياق، منها العلاقات الشخصية الثنائية بين بوتين ومن هو في سدة الحكم في دولة الكيان الصهيوني ، وهل سيؤثر تغير السلطة في دولة الكيان وغياب العلاقات الشخصية بين بوتين وصديقة الشخصي نتنياهو بفوز شخص آخر برئاسة حكومة الصهاينة على عمق العلاقات وأسس التعاون بين البلدين؟، وبالتالي هل تعتبر روسيا تغيير الحكم في الكيان ، بمثابة فرصة لإعادة النظر فى تحركاتها فى سوريا من أجل الحد من الهجمات الصهيونية؟، وهذا ما سعى اليه بينيت في بناء علاقات قوية مع بوتين - مثلما فعل من قبل نتنياهو – بما يساهم في تعزيز مكانته في وجه خصومه السياسيين في ساحة الكيان الداخلية ، أم ستكون البراجماتية فقط ولغة المصالح هي المحدد الرئيسي في معالجة الملفات الشائكة بين البلدين؟، أي أن تصبح نقاط التماس وفرص التعاون بين روسيا دولة الكيان كفيلة بتذليل العقبات أمام المسائل الخلافية في سوريا، والتي يعتبرها بوتين في احاديثة أنها "ليست قليلة" ، ولكن ما هى لعبة بوتين التي يمارسها في سوريا؟

خلاصة القول:

على الرغم من التحديات التي واجهت العلاقات الروسية- الصهيونية، إلا أن روسيا تعد أحد أهم شركاء دولة الكيان، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات بينهما لتعزيز التعاون في مختلف المجالات؛ مثل، الاقتصاد، والتقنيات الحديثة والغاز والطاقة، وغيرها، خاصة الثقافية؛ نظرًا للعدد الكبير من المهاجرين اليهود من الاتحاد السوڤييتي السابق، حيث تشير الإحصائيات إلى أن نسبة اليهود من أصل روسي أو من دول الاتحاد السوفيتي السابق تزيد عن 20 %، كما تعد اللغة الروسية ثالث اللغات المحلية الشائعة في دولة الكيان بعد العبرية والعربية.

أصبحت هناك قنوات اتصال مستمرة بين روسيا ودولة الكيان، قام الكيان بموجبها بإبلاغ الجيش الروسي باتجاهها لتنفيذ عمليات داخل سوريا؛ وذلك لتأمين القوات الروسية، ومنع استهدافها بالخطأ. ثم أصبحت التفاهمات تعمل لصالح الكيان على نحو واضح، إثر الزيارة التي قام بها نتنياهو في 27 فبراير / شباط 2019 إلى روسيا، حينما استطاع الحصول على "تفهم" روسي للقيام بعمليات عسكرية ضد التموضع الإيراني في سوريا "ككل"، وليس فقط المناطق الجنوبية الغربية القريبة من الحدود مع إسرائيل ، وتأكدت صحة ذلك التنسيق في قدرة موسكو على ضبط السلوك السوري وعدم تمكين الجيش السوري من تشغيل دفاعاته الجوية وبالتحديد شبكة صواريخ "إس - 300" التي حصلت عليها دمشق من روسيا، في أواخر العام 2018؛ وذلك على الرغم من تعدد الضربات الإسرائيلية المتلاحقة في العمق السوري.

الحملات الصهيونية المستمرة منذ أعوام ضد التمركز الإيراني في سوريا، والتي تعقّد من مساعي روسيا للتوصل إلى تسوية لإنهاء الأزمة السورية وتثبط جهود إعادة بناء سوريا، عبر تشجيع الدول العربية والغربية والصين على الاستثمار. ومن ثم ترغب روسيا في فرض "قواعد جديدة" للتحرك في سوريا تقوم على إبلاغ موسكو بالمخاطر والتهديدات التي يرصدها ا على أن يتعامل الجيش الروسي مع مصادر الخطر من دون الحاجة إلى تدخل عسكري من جانب تل أبيب.

يلاحظ بان برنامج الهجمات العسكرية المتعددة التي شنتها دولة المشروع الصهيوني البريطاني على سوريا في الفترة الماضية ، والتي اتسمت بكثافة ملحوظة وباستخدام آليات مختلفة، على نحو يوحي بأن تل أبيب تسعى إلى تأكيد جديتها في مواجهة الوجود العسكري الإيراني في سوريا خلال المرحلة القادمة.

كاتب اردني