عاجل- ما تداعيات نجاح اسرائيل في حسم المعركة على انظمة الحكم العربية؟



كتب أ.د احمد القطامين - 


من اهم متطلبات النجاح الاستراتيجي في مواجهة اللحظات التاريخية الحاسمة ان يتمتع متخذ القرار بمستوى ديناميكي من العقل يمكنه من التعامل الفعال مع الظروف الصعبة المحيطة بالقرار الذي سوف يتخذه.

يصنف العقل العربي بشكل عام على انه عقل قياسي، اي لا بد من وجود نسخة اصلية من الظاهرة التي يراد التعامل معها ليقاس عليها، وفي حالة عدم توفر تلك النسخة الأصلية يعتري العقل العربي الكثير من انعدام الفاعلية وتتخذ قرارات في كثير من الاحيان تتصف بالضعف ومستوى مرتفع من التخبط وغياب المنطق العلمي السليم..

ان إسقاط ما ورد اعلاه على ما يجري اليوم في المنطقة يشير بوضوح إلى غياب تام للعقل العربي الرسمي الذي تعتريه مستويات كبيرة من الضعف والاستسلام لابسط الحلول والتهيؤات العبثية غير الناضجة.

ان ما يجري يحمل مضامين هائلة من التأثير السلبي على المستوى الاستراتيجي على أنظمة الحكم العربية التي تعتقد مع الأسف ان اسرائيل ضمانة الاستمرار وان فشل اسرائيل في حربها على غزة سيتيح لقوى الإسلام السياسي امكانيات اكبر قد تستخدم لاحقا لمحاربة هذه الأنظمة.. هكذا يعتقدون!

ان هذا الاعتقاد للأسف هو السائد والمهيمن على المواقف والأفعال الرسمية العربية، وهو في الواقع اعتقاد ساذج وخطير إلى أقصى درجات الخطورة خاصة في بعده الاستراتيجي بعيد المدى..

بالعكس، ان نجاح اسرائيل في حسم المعركة لصالحها سيضع الامة برمتها بما فيها أنظمة الحكم في طريق سيقود حتما إلى مسار خطي وصولا الى نهايات كارثية ذات أبعاد استراتيجية خطيرة، وسيزيد من الاحتقان الشعبي بشكل واسع وستتحول المعركة الى معركة صفرية بين الأنظمة وشعوبها بدلا من ان تكون بين الشعوب وانظمتها من جهة والعدو من جهة اخرى..

ان المواقف العربية الرسمية المتخاذلة والخائفة او تلك التي تقف مع اسرائيل بطرق شتى، ستجد نفسها في مأزق تاريخي لا فكاك منه بعد ان تضع الحرب اوزارها بغض النظر عمن هو المنتصر او المهزوم في مواجهة طوفان الأقصى.

ان الكثير من أنظمة الحكم العربية تعمل في مزاج عقلي متناهي بالضعف لانها أصلا لا تجد حاجة إلى استخدام العلم والعلماء والخبراء الذين تضج بهم الارض العربية للمساعدة في ترشيد قراراتها، فتظهر تلك القرارات على الدوام هزيلة، مختلة، لا تخدم اية مصلحة لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد.. ولا على اي مدى!

لذلك اتنبأ انه عندما تنتهي هذه المعركة الحاسمة ستدخل المنطقة العربية في واحدة من اكثر مراحل تاريخها قسوة وحراكا إلى ان يتم انجاز النهايات المنطقية المحتملة وعلى القوى الحية في شعوب الامة ان تشرع في الاعداد لمراحل طويلة قاسية من الكفاح والمعاناة ..



qatamin8@hotmail.com