عوجان أمام مؤتمر في فرنسا: طوفان الأقصى نتيجة طبيعية للظلم والتعسُّف الإسرائيلي



قال الأمين العام لحزب البناء الوطني الأردني، الدكتور بركات عوجان، إن أبناءنا وإخواننا في غزة، يخشون أن تسقط الراية، راية الأُمة، فهم من طحَنَ الخوف بالإباء والبطولة، وروا بدمائهم شرف الأمة المسلوب.

وأضاف خلال ندوة عُقدت في الجمهورية الفرنسية بمناسبة شهر رمضان المبارك حضرها عدد كبير من العلماء والسياسيين، أنَّ غزة تموت تقتيلاً وتجويعاً والعالم المُتحضِّر في سُبات عميق، ويجب أن نقف صفاً واحداً في وجه آلة الحرب والدمار الإسرائيلية.

وفيما يلي كلمة عوجان:

جئناكم من أرض الحشد والرباط، حيث مآذن وأجراس القدس قاب قوسين أو أدنى، فالأقصى على مرمى نبض القلب، وكنيسة القيامة على بُعد رفَّة عين، مِن تلك الأرض التي كانت ولا زالت مسرحاً للأحداث الجسيمة، فهي مهبط الوحي والإلهام، وتلتقي فيها الأرض والسماء.
في هذه الأيام المليئة بالأنواء والعواصف، يجب علينا المُجاهرة، والكشف عن النفس بعيداً عن التنكُّر اللغوي، لينتصر اللون الأبيض عن الأحمر وتوابعه. وسأتحدَّث عن الذين يكتبون ملحمةً حقيقية مِدادها التضحية وأعمدتها الكرامة والفروسية، عن الذين يرتدون ثياب الشهادة مُقبلين غير مُدبرين، يعيشون اللحظات الحاسمة بين الإقدام والإحجام، اللحظات التي لا يتراجع فيها صاحب الخُلق الوعي اللبيب، وأنتم أبناء غزة إلا هكذا.
فإنهم عاروا النفوس والإحجام مثل الكفر، بل لعله دون الكفر منزلة، فهم مشغولون ألا تسقط راية الأُمة، ويترائى لك صوت ذي الجناحين جعفر الطيار بيدان نازفتان تُفارقان الجسد، وظل مشغول بالراية لا تسقط، وضمَّها بِعضُديه. جعفر بن أبي طالب في معركة مؤتة.

هكذا هم الآن أبناؤنا وإخواننا في غزة، يخشون أن تسقط الراية، راية الأُمة، فهم من طحَنَ الخوف بالإباء والبطولة، وروا بدمائهم شرف الأمة المسلوب.
الأخوات الفُضليات والإخوة الأفاضل..
إننا في حزب البناء الوطني، نرى أن طوفان الأقصى نتيجة طبيعية للظلم والتعسُّف الإسرائيلي، ومقاومة المحتلين عمل بطولي تسلكه كل الشعوب التوَّاقة للحرِّية. وأقتبس من نزار قباني:
قد صَغِرنا أمامكم ألفَ قرنٍ
وكبرتم خلال شهرٍ قرونا
مِـن شُقـوق الأرضِ الخراب
طلعـتُم وزرعـتُم جِـراحنا نِسريـنا
أمطِرونا بُطولةً وشُموخاً
إنَّ هذا العصرِ اليهودي
وَهمٌ وسوفَ ينهارُ
لو ملكنا اليَقينا
ستبقى غزة إن شاء الله وَشماً إسلامياً يرمز للكبرياء والنضال.
العِبر المستفادة من هذه الأحداث:
أولاً: النصر الظالم يحمل في طيَّاته بذور الهزيمة مهما طال الزمن. لذلك فالسلام الذي يأتي بعد النصر الظالم لا يستمر. فقد تحدث إتفاقيات سلام لكن لا يستمر لأنه أمر فرضه الظالم بالقوة، ويفتقد العنصر الأساسي وهو العدل، لا يوجد عدالة، فهو بالأصح إستسلام.
ثانياً: سقوط القناع عن مُصطلحيّ.. الشرعية الدولية وحقوق الإنسان. وتبيَّن أنهما شكل منمَّق وجديد للإستعمار. وهو شعارهم يرفعه القوي لتحقيق مصالحه وأهدافه. وأكبر ظاهرة نفاق يشهدها العالم هذا اليوم هي السياسة الأمريكية بنظرنا تجاه ما يجري في غزة هاشم. فقد إستباحت إسرائيل على مرأى ومسمع العالم كل شيء. فغزة تموت تقتيلاً وتجويعاً والعالم المُتحضِّر في سُبات عميق. ونحن الآن على الأرض الاوروبية نخاطب الضمائر الحيَّة إن وُجدت أن تقف مع الحق ولا شيء سوى الحق. فشلال دم يتدفق، والأشلاء تتطاير، والذي ينجو يبقى أكثر جوعاً ومرضاً. فيجب أن نقف صفاً واحداً في وجه آلة الحرب والدمار الإسرائيلية.
إلى ذلك الحين أستودعكم الله بأمال الخير والبركة، شاكراً ومُقدِّراً للقائمين على هذه الأُمسية الجميلة، وجزاكم الله عنا كل الخير.