عاجل في ظل الامتناع عن التصويت: الدور الامريكي في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية
كتب أ.د احمد القطامين - تعتبر المنطقة العربية -التي يسميها الغرب الشرق الاوسط - منطقة ذات أهمية استراتيجية هائلة بسبب مواردها الطبيعية الغنية وموقعها الجغرافي الحيوي وسط العالم واشرافها على اهم المضائق البحرية في العالم. ومن خلال تاريخها الطويل، شهدت المنطقة العديد من التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكثيرًا ما تكون الولايات المتحدة قد لعبت دوراً حاسمًا في هذه التحولات، سواء عبر دعم وكلائها المحليين أو المشاركة في النزاعات المسلحة مباشرة أو تشكيل السياسات الخارجية للدول التابعة لها.
يعتبر الدور الأمريكي في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث تتنوع وجهات النظر حول دور الولايات المتحدة في المنطقة وتأثير سياساتها على الاستقرار والأمن الإقليميين. فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تقدم نفسها كقوة داعمة للديمقراطية والحرية والازدهار، الا ان اغلبية المراقبون يرون سياساتها في الشرق الأوسط على أنها قد أسهمت او كانت سببا اساسيا .في تفاقم الصراعات والاضطرابات.
أحد الجوانب الرئيسية للدور الأمريكي في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية هو دعمها للحكومات الأوتوقراطية والمستبدة في المنطقة، وذلك بهدف تحقيق مصالحها الاستراتيجية من خلال هذه الحكومات. على مر الخمسين عاما الماضية، قامت الولايات المتحدة بدعم العديد من النظم القمعية في المنطقة، مما أثار احتجاجات وموجات متتالية من الحراكات الشعبية التي ساهمت الولايات المتحدة في اجهاضها بالتعاون مع وكلائها المحليين.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت المنطقة العربية تدخلات عسكرية مباشرة من قبل الولايات المتحدة، مثل غزو العراق في عام 2003 والتدخل في الحرب الأهلية السورية وحرمان سوريا من التعافي واالعودة للحالة الطبيعية فيما بعد. ورغم أن بعض هذه التدخلات كانت تزعم انها تسعى الى إسقاط الأنظمة المستبدة أو مكافحة الإرهاب، إلا أنها أدت في النهاية إلى تفاقم الفوضى والتدهور الأمني في المنطقة.
وفي هذا السياق لا يمكن إغفال الدور الأمريكي في دعم إسرائيل وسياساتها في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث تظل القضية الفلسطينية واحدة من أكبر مصادر الاضطراب والصراع في المنطقة. ومن خلال دعمها القوي لإسرائيل، بما في ذلك التمويل العسكري الضخم والدعم السياسي، فإن الولايات المتحدة تعزز الاحتقان وتعرقل جهود التسوية السلمية وتبقي المنطقة في حالة حرب دائمة.
في الختام، يظل الدور الأمريكي في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية موضوعًا معقدًا يحتاج إلى تحليل شامل للسياسات الخارجية الأمريكية وتأثيرها على الأمن والاستقرار في المنطقة. ومن الضروري للعرب أن يدركوا ان الامتناع عن التصويت والسماح لقرار مجلس الامن ان يتم تبنيه لا يعني شيئا في واقع الامر وان قدرة امريكا على ان تتخذ موقفا متوازنا من الصراع برمته غير ممكنة بسبب تعقيدات السياسة الداخلية الامريكية وهيمنة اللوبيات على مجمل العملية السياسية فيها مما يجعلها دائما غير قادرة على ان تتبنى نهجًا أكثر توازنًا وشفافية في التعامل مع قضايا المنطقة بما في ذلك دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحل النزاعات بطرق سلمية والتوقف عن الدعم الاعمى للسياسات العنصرية الاسرائيلية.