رمضانيات (١٠) : المجرمون في القران
…
وردت في القران الكريم مفردات متعددة في وصف غير المسلمين، منها اهل الكتاب، الكافرين ، المشركين، المجرمين، والمنافقين، وغيرها، ولكل مفردة معناها الخاص بها.
كلمة المجرمين وردت في عشرات المواقع، جاء بعض منها في الحديث عن اليوم الاخر. الملفت ان وصف الاجرام ارتبط في فعلين هما ؛ (١) التكذيب بالحق والصد عنه كما في قوله تعالى ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ). (٢) الاستكبار والظلم كما في قوله تعالى ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ) وقوله ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).
الاستكبار هو اعلى درجات الظلم، ويتجاوز الظلم الفردي الى الظلم الواسع، وجعل عاقبتهم واضحة كل الوضوح، حتى انهم يعرفون بين اهل النار من شدة ظلمهم للخلق ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ)، لذلك كان حشرهم مختلفا عن الاخرين من شدة هولهم كما في قوله ( وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ).
رحمة الله واسعة، وهو المتصرف بخلقه في الدنيا والاخرة ، لكن حال المجرمين ميئوس منه يوم القيامة كما في قوله ( لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ).
فعل الاجرام مرتبط بالظلم ومنه ما يقع على الاخرين، لذلك فبرغم كرامة الشهداء والمغفرة لهم، الا ان حقوق العباد لا تسقط عنهم كما دل الحديث الشريف ( يغْفِرُ اللَّه للشَّهيدِ كُلَّ ذنب إلاَّ الدَّيْنَ).
والاجرام درجات لذا كان قوله تعالى يتحدث عن أكابر المجرمين ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).
العالم اليوم مليء بالمجرمين واكابر المجرمين، تجدهم في كل مكان ومن كل الاجناس والملل، ولا ينفعهم ادعاؤهم الايمان ولا تزيين الاعلام لهم ولا حتى بعض مظاهر الصلاح والخير المزيف، والعدوان على غزة كشف الكثير منهم، فهم مجرمون بعدوانهم، و مجرمون بتاييدهم القتل والتهجير لاهل غزة، و مجرمون بدعمهم السياسي والمالي، و مجرمون بحصارهم ومنعهم مقومات الحياة ، وهم مجرمون بكذبهم انهم عاجزون عن وقف الابادة الجماعية، وهم مجرمون اذ لا يعنيهم الامر.
وتقبل الله طاعتكم، وابعدكم عن كل افعال المجرمين.