عاجل: بريطانيا... مئات المحامين والقضاة المتقاعدين يدعون حكومتهم إلى وقف تسليح إسرائيل



نشرت صحيفة "الغارديان” تقريراً حصرياً أعدّه هارون صديقي وباتريك وينتور وإيليني كوريا قالوا فيه إن قضاة سابقين في المحكمة العليا البريطانية يقولون إن تسليح بريطانيا لإسرائيل يعتبر خرقاً للقانون الدولي.

وقالت الصحيفة إن ثلاثة قضاة سابقين، بمن فيهم رئيسة سابقة للمحكمة العليا، ليدي هيل، كانوا من بين 600 محام وأكاديمي وقضاة بارزين تقاعدوا عن الخدمة، حذروا من أن الحكومة البريطانية باستمرارها تسليح إسرائيل تخرق القانون الدولي.

وفي رسالة إلى رئيس الوزراء، وقّعها أيضاً قضاة سابقون في محكمة الاستئناف، وأكثر من 60 محامياً، قالوا إن الوضع الحالي في غزة "كارثيّ”، وما توصلت إليه محكمة العدل الدولية بأن هناك مخاطر لإبادة جماعية ارتكبت، يعني ضرورة التزام بريطانيا قانونياً لمنع هذا، وأن الحكومة البريطانية باتت ملزمة للتصرف لمنع هذا.

وأرسلت الرسالة مساء يوم الأربعاء، وهي في صفحاتها الـ 17 بمثابة رأي قانوني: "في الوقت الذي نرحب فيه بالدعوات القوية والمتزايدة من حكومتكم لوقف القتال والدخول غير المقيد للمساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أن متابعة (لأن نأخذ مثالين مدهشين) بيع الأسلحة وأنظمة السلاح إلى إسرائيل، واستمرار التهديدات بتعليق بريطانيا الدعم عن أونروا، فهذه أقل بكثير من التزامات حكومتك بموجب القانون الدولي”.

وجاءت الرسالة في وقت زاد فيه النواب المحافظون الضغط على ريشي سوناك للتحرك بعد مقتل 7 عمال إغاثة دوليين، منهم ثلاثة مواطنين بريطانيين بغارة إسرائيلية في غزة.

وتعتقد مصادر في الحزب أن وزير الخارجية ديفيد كاميرون يدفع باتجاه تشديد نهج الحكومة من إسرائيل، لكنه واجه مقاومة من مقر الحكومة في دوانينغ ستريت.

ودعا ثلاثة نواب محافظين في المقاعد الخلفية، ووزير آخر، عضو بمجلس اللورادت، بريطانيا للتوقف عن تصدير السلاح لإسرائيل بعد الغارة، في وقت كشف استطلاع لمؤسسة استطلاعات "يوغوف”، أجري قبل الغارة، أن الحكومة وحزب "العمال” متأخرون عن المشاعر العامة من الحرب، حيث دعت غالبية الناخبين 56% مقابل 17% إلى وقف تصدير السلاح.

وطالبت الرسالة الحكومة بالعمل على وقف دائم لإطلاق النار، وفرض عقوبات على "أفراد وكيانات صدرت عنهم تصريحات تحرض ضد الفلسطينيين”. وجاء فيها أن استئناف تمويل أونروا، الذي سحب بعد اتهامات إسرائيل بأن 12 موظفاً في الوكالة التابعة للأمم المتحدة شاركوا في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، ضروريٌّ لـ "دخول وتوزيع وسائل الوجود الفلسطيني في غزة، وبالضرورة منع الإبادة الجماعية”.

وفي مسألة تسليح إسرائيل، قالت الرسالة إن "نتيجة محكمة العدل الدولية بأن هناك مخاطر معقولة من إبادة جماعية تضع حكومتكم على معرفة بأنه يمكن استخدام الأسلحة في ارتكابها، وأن تعليق تقديمها وسيلة من المحتمل أن تردع ، أو تمنع الإبادة”.

وأضافت الصحيفة أن النواب المحافظين ديفيد جونز وبول بريستو وفليك داموند واللورد المحافظ هيوغو سواير دعوا لتعليق بيع الأسلحة إلى إسرائيل بعدما عبّر بيتر ريكيت، الذي عمل مستشاراً للأمن القومي في حكومة كاميرون، وعضو مجلس اللوردات حالياً، عن نفس المواقف. وقال داموند، النائب عن ميون فالي: "هذا مصدر قلق لي. وما يقلقني هو منظور استخدام السلاح البريطاني في العمليات في غزة، والتي أعتقد أنها خرقت القانون الدولي”.

وأخبر لورد بيكت راديو4 في بي بي سي: "أعتقد أن هناك أدلة واسعة الآن بأن إسرائيل لم تتخذ ما يكفي والوفاء بالتزاماتها لحماية المدنيين. وعلى الدولة التي تحصل على السلاح من بريطانيا الالتزام بالقانون الدولي، وهذا شرط لترخيص تصدير السلاح”.

وحذر الوزير الأول لإسكتلندا حمزة يوسف من أن رفض وقف صفقات إلى إسرائيل سيجعل "بريطانيا في خطر التواطؤ بقتل المدنيين الأبرياء”.

وتنبع أهمية الرسالة، ليس من عدد الموقعين عليها، ولكن لكون الذين وقّعوا عليها قضاة بارزون تقاعدوا عن الخدمة، والذين يبتعدون عادة عن التعليق على القضايا العامة ذات الحساسية السياسية. ومن الأسماء البارزة التي وقّعت عليها عضوا المحكمة العليا السابقان لورد سامبتون ولورد ويلسون، وأعضاء محكمة الاستئناف سابقاً سير ستيفن سيدلي وسير ألان موزيس وسير أنطوني هوبر وسير ريتشارد إكينز ورئيس نقابة المحامين السابق لإنكلترا وويلز ماثياس كيلي.

وقالوا في الرسالة: "يجب على بريطانيا اتخاذ الإجراءات المباشرة، وبطرق قانونية، لوقف الأفعال التي تقود إلى مخاطر الإبادة الجماعية، والفشل في الالتزام بواجباتها بناء على ميثاق الإبادة الجماعية، واتخاذ كل الإجراءات بموجب سلطاتها سيؤدي إلى تحمّل دولة بريطانيا المسؤولية عن ارتكاب خطأ دولي يقتضي تعويضات كاملة”.

وتذهب الرسالة أبعد من رسالة أخرى أرسلت إلى سوناك في تشرين الأول/أكتوبر، ومن ناحية عدد الشخصيات البارزة الموقعة عليها، والتحذير من تجنّب الحكومة الالتزام بواجباتها لمنع تواطئها الخطير في خرق للقانون الدولي.

وتشير إلى حدوث "تطورات مهمة” في ما يتعلق بالوضع في غزة، وهذه تضم الأوامر المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية وتدهور الوضع في غزة ومقتل 32,623 شخصاً جراء العملية الإسرائيلية، و”المجاعة المحتومة”، والتي سببها منع إسرائيل للمساعدات الإنسانية، وتدمير المؤسسات الصحية، وقتل عمال الصحة وعمال الإغاثة، وتقارير عن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة.

وقالت واحدة من الموقعين على الرسالة، وهي المحامية فيليبا كوفمان، إن "مشاركة عدد كبير من أعضاء مهنة القانون البريطانية البارزين، وتحدثهم بهذه القوة، حاثّين الحكومة للتحرك بناء على التزاماتها القانونية يُظهِر عمق القلق من الانتهاكات الصارخة في غزة”.

ودعت الرسالة أيضاً الحكومة لاستخدام "كل المحاولات”، وتأمين الإفراج عن الأسرى الذين أُخذوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ورفضت الحكومة البريطانية نشر النصيحة القانونية بهذا الشأن، ولكن التسجيلات المسربة تظهر أن محاميها نصحوها بأن إسرائيل خرقت القانون الدولي في غزة.

وأخبر سوناك "ذي صن”، يوم الأربعاء، بأن صفقات الأسلحة تخضع لمراجعة "حذرة”، و”بناء على التنظيمات والإجراءات التي نتبعها دائماً”.

وتواجه الحكومة البريطانية رأياً عاماً بات يرى، حسب استطلاع "يوغوف”، أن إسرائيل خرقت حقوق الإنسان في غزة. وهذه إشارة عن خسارة إسرائيل دعم الرأي العام في بريطانيا، وهو ما سيثير قلقها، وخاصة أنها عوّلت دائماً على دعم بريطانيا.

وأجري الاستطلاع بناء على طلب من "أكشن فور هيومانتي”، وتم قبل مقتل عمال الإغاثة يوم الإثنين.

وطالبت غالبية المشاركين بمنع تصدير الأسلحة وقطع الغيار إلى إسرائيل. وقالت نسبة 59% مقابل 12% إن إسرائيل تخرق حقوق الإنسان في غزة. وعلق المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور في "الغارديان” بأنه، وعلى خلاف الولايات المتحدة، لم تجر الكثير من استطلاعات الرأي في بريطانيا بشأن الحرب في غزة.

وتكشف نتائج الاستطلاع البريطاني أن الجهود الإسرائيلية الحثيثة في الدبلوماسية العامة لم تقنع الرأي العام البريطاني. ووجد الاستطلاع أن الدعم لمنع تصدير الأسلحة كان أقوى بين الناخبين الذين يخطّطون لمنح أصواتهم لحزب "العمال”، 71% مقابل 12%. أما ناخبو الليبراليين الأحرار فصوّتوا بنسبة 70% إلى 14، ولكن الناخبين لحزب "المحافظين” فقد صوّتوا بنسبة متقاربة 38% ضد و 36% مع استمرار التصدير.

وفي سؤال لناخبي "المحافظين” بشأن انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان، أجاب اثنان لواحد أنها تفعل هذا. وتهم مواقف الرأي العام الغربي من غزة بطريقة لا تظهر في أيّ من الحروب. وظل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول إن جهوده لتدمير "حماس” كقوة قتالية تعتمد على الدعم الغربي.

وناقش ساسةٌ إسرائيليون تراجع الدعم الدولي لإسرائيل، ومخاوفهم من تحوّلها لدولة مارقة.

وتعلّق الصحيفة بأن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين لم يلق اهتماماً، مثل مقتل بريطانيين وبولندي وأسترالي وأمريكي/ كندي حيث انفجر سدّ من الشجب.