العفو



من المعروف أن العفو يصدر من السلطات المختصة، وعادة ما يكون مرتبطاً بالمناسبات الوطنية، وفي نظامنا السياسي والقانوني يُؤخذ بالعفويْن العام والخاص، أما ما يهمنا في هذه المقالة العفو العام الذي يصدر بموجب قانون عن السلطة التشريعية وفقاً للمادة 38 من دستورنا العتيد .

منذ تأسيس الدولة الأردنية حتى تاريخ كتابة هذا المقال صدرت عدة قرارات وقوانين للعفو العام وصل عددها إلى (18) ثماني عشرة مرة، ويرتبط صدور قوانين العفو العام عادة بالمناسبات الملكية السعيدة، وما يدل على ذلك العفو الأخير الذي جاء جراء احتفالات المملكة باليوبيل الفضي لتسلم الملك لسلطاته الدستورية، كما يُعدّ قانون العفو العام رقم 5 لسنة 2024 الصادر قبل عدة أيام هو العفو الرابع في عهد الملك عبدالله الثاني منذ تسلم سلطاته الدستورية .

تقوم فلسلفة العفو على إزالة حالات الإجرام من أساسها، وتعمل على محو أية آثار مترتبة عليها وتسقط من خلال العفو الدعوى الجزائية والعقوبة الأصلية سواءً كانت تتعلق بأي من تلك الجرائم التي سوف يشملها العفو أو تبعية لها.

إن العفو العام الذي صدر في عام 2019 بموجب قانون رقم (5) لسنة 2019 يُعدّ أوسع من العفو الأخير الصادر بموجب قانون رقم (5) لسنة 2024، لأن الجرائم التي شملته كانت أكبر وأكثر توسعاً عن الصادر بالعفو الأخير، كما أن عدد الجرائم والقوانين المستثناة وصل إلى (23)، بالأضافة لبعض الجرائم المتعلقة بالاعتداء على النفس والأموال التي تسقط إذ اقترنت باسقاط الحق الشخصي لكي يشملها العفو، بالإضافة إلى الإفراج عن أكثر من (9000) شخص بموجب هذا القانون.

وعن القانون الأخير رقم (5) لسنة 2024 فقد كان أكثر تقييداً، حيث استثني من شموله ما يقارب 38 جرماً وقانوناً، ولم تقترن إلا جريمة واحدة بشمولها بالعفو عند إسقاط الحق الشخصي هي جرائم التسبب بالوفاة، والنتيجة كانت الإفراج عما يقارب (7300) سبعة آلاف وثلاثمائة شخص .

ختاماً، الكل يعلم أن المصلحة من العفو دائماً ما تتبلور لتكون مصلحة عامة غايتها العمل على محاولة إصلاح وتمكين الذين شملهم العفو للاندماج بالمجتمع، وبث الروح التصالحية فيه لتعزيز قوته ومتانته.