الصهينة الوظيفية!!
هذا مصطلح أطلقه المفكر العربي عبد الوهاب المسيري، بعد القهر الذي لاحظه من هرولة للتطبيع، وهرولة كتّاب، وأدباء لدعم التطبيع. كان ذلك أيام الانتفاضة الأولى.
وقال بأن المتصهين الوظيفي ليس يهوديّا، بل عربي يقوم بما يقوم به أي جنرال صهيوني، أو إعلامي صهيوني، وكما يقول المسيري: إن المتصهين هو شخص منا، يأكل معنا ويصلي معنا، ويصعب تمييزه وهو يعظنا بحكمته!!
وما أكثر من تصهينوا هذه الأيام!
(01)
خصّائص المتصهين الوظيفي
المتصهين الوظيفي يقوم بترويج السردية الصهيونية، وينقلها من عالم الإعلان إلى عالم الحقيقة،
ولذلك يلتزم بالأدبيات الصهيونية الآتية:
-من يتدخل لنجدة غزة، فلينظر إلى ما فعلناه بغزة، ولذلك؛ من يريد السلامة عليه أن يترك غزة وشأنها. فالأمن أولًا!
-كل من يدعم المقاومة مدّع وكاذب؛ فالحوثي كاذب، وحزب الله كاذب، فما بالك بإيران؟
-إيران عدونا الأول وليس إسرائيل، ولذلك تكون وظيفة المتصهين هي خلق عدو وهمي لإزالة الانتباه إلى العدو الحقيقي.
-إسرائيل مِخرز وفلسطين وشعبها كف! والكف لا يناطح المِخرز! ولذلك لا تدمروا بلادكم كما فعلت المقاومة الفلسطينية.
-إذا قالت إسرائيل فصدقوها، فإن القول ما قال نتنياهو! فالإعلام الصهيوني دقيق، وكل ما يقوله صحيح.
هذه بعض خصائص المتصهين العربي الوظيفي.
فكيف يعمل، وكيف يمارس صهينته؟
(02)
لم يحدد المسيري طرائق المتصهين قبل ربع قرن، ولكن يمكن لأي مراقب أن يلحظ ما يمارَس من صهينة وظيفية!
ويمكن برأيي ملاحظة ما يأتي:
-يبذل المتصهين جهده لدعم المقاومة شكليّا، وشتم أنصارها وداعميها، وهذه أساليب واضحة، لا يستطيع شتم المقاومة أخلاقيّا ولكنه يهاجم أنصارها وداعميها بقوة، ويقول: إنهم مسرحيون، كاذبون، ورّطوا غزة، وتخلّوا عنها!
-وكما يميز المتصهين بين المقاومة وداعميها، فإنه يميز أيضًا بين الأمن الوطني والأمن الفلسطيني، ويهاجم متظاهرًا مصريّا أو غير مصري بتُهم ليس أقلها زعزعة الأمن الوطني! ولذلك يبدو وطنيّا مثاليّا يذرف حنانًا وطنيّا أضعاف ما تبذله الأم على وليدها المريض! فيرفض الحديث عن فتح معبر، وينكر وجود من يمد العدو بأساليب العيش والبقاء!
-والمتصهين ينتظر اللحظة للهجوم على المقاومة، ويتحدث عنها ساخرًا: المساومة!، وسمعت مؤخرًا كلمة المئاومة!!
ولم أسمع أنه شبه إسرائيل بأي سخرية!، فالخطوة التالية سيفتحون ملف حماس لإزاحة السابع من أكتوبر من ذاكرة العروبة والتاريخ، أو كتابتها كيوم حزين أسود!
تحدّث المسيري عنهم قبل ربع قرن، فكيف لو سمعهم الآن؟
فهِمت عليّ؟