"أبو شجاع" يخرج حيا بعد إعلان استشهاده!
ظهر المقاوم الفلسطيني محمد جابر "أبو شجاع" خلال تشييع جثامين شهداء مخيم نور الشمس شرقي مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية عصر اليوم الأحد، وذلك بعد أيام من إعلان اغتياله في اجتياح إسرائيلي واسع للمخيم.
وجرى تداول مقطع فيديو مصور لـ"أبو شجاع"، المعروف بقائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس، وهو يسير محاطا بالمسلحين في الجنازة، مما أثبت أنه حي، بخلاف ما جرى تناقله عن استشهاده واحتجاز الاحتلال جثمانه مع شهداء آخرين خلال اقتحام المخيم الذي استمر من صباح الخميس وحتى مساء السبت.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد قتل 14 فلسطينيا في العملية العسكرية التي امتدت لأكثر من 50 ساعة في طولكرم ومخيم نور شمس المحاذي لها خاصة، ولم تعرف هوية غالبية الشهداء إلا بعد انسحاب قواته مساء السبت.
ومع دخول المواطنين وسيارات الإسعاف إلى أزقة المخيم وحاراته المدمرة، وانتشال جثث الشهداء، لم يصدر ما يؤكد أن جثة "أبو شجاع" بينهم، في حين نقلت مقاطع مصورة لأفراد من الكتيبة المقاومة تأكيدهم أن قائدهم لم يستشهد، وأن لديهم ما يثبت ذلك، وهو ما أكده مقطع صوتي نُسب إلى الشاب العشريني نفسه، يقول فيه بأنه على قيد الحياة، وأنهم مستعدون للتصدي للاحتلال وجنوده.
وبين إعلان استشهاد ثم نفيه، ظلت المعلومات المتناقلة حول بقائه على قيد الحياة محض شك، خاصة أن الاحتلال لم ينفِ ولم يؤكد أي معلومة حول ذلك إلا بعد انتهاء العملية.
رسالة "الشهيد الحي"
وظهر أبو شجاع عصر الأحد، محمولا على أكتاف المقاومين المسلحين وبين المواطنين، وتنقل بين صفوفهم مودعا رفاقه الشهداء، كما امتشق بندقية، وأخذ يطلق الرصاص بالهواء، في صورة تعكس تحديه للاحتلال الذي حاول بكل الطرق الوصول إليه، لكنه لم ينجح.
وفي تصريحات للصحفيين خلال تشييع الشهداء، قال أبو شجاع "رسالتنا للاحتلال أننا نتحداه، ونحن على درب الشهداء، والحالة الوطنية لن تنتهي حتى النصر". مضيفا أن الاحتلال لم ولن ينجح باغتياله معنويا أو نفسيا رغم كل محاولاته، وقال "نحيي المجاهدين بكل مكان في الضفة وغزة والشتات، ونتمنى من جميع الشرفاء ألا يخذلونا".
وكان سامر جابر، والد المقاوم أبو شجاع، قد أكد في مقابلة سابقة، وبناء على معلومات وردت إليه، خبر استشهاد نجله خلال عملية الاحتلال في المخيم مساء الجمعة، وقال إن كل المؤشرات والمعلومات القادمة من المحيطين بالموقع كانت توحي باستشهاده.
وعبّر سامر جابر عن فرحته "رغم الألم" برؤية ابنه "الشهيد الحي" كما وصفه، وقال إنه فوجئ هو أيضا أن نجله لا يزال على قيد الحياة، ولم يكن يعرف بذلك، مبديا استغرابه أنه استطاع ورغم الملاحقة المستمرة والحصار الذي ضُرب عليه، وعلى رفاقه لـ3 أيام أن يخرج حيا.
وقال "الحمد لله على قدر الله.. تفاجأت بين الناس برؤيته حيا وعلى الأكتاف، ولم أصدق إلا بعد أن جاء لمصافحتي.. لحظتها تحول الحزن إلى فرح عارم، ولوهلة نسينا أن لدينا شهداء بالمخيم".
العودة من الموت
وعدّ الأب جابر خروج نجله تحديا كبيرا للاحتلال ولعمليته العسكرية التي طالت البشر والحجر والشجر في المخيم ودمرته بالكامل، وردا على تهديد جيش الاحتلال أنه سيضاعف عمليات اقتحامه للمخيم، وسيفعل كل شيء من أجل الوصول للمقاومين. وقال "نحن متقبلون أي حال سيغدو عليه، شهيدا أو أسيرا".
وقالت وسائل إعلام عبرية بعد انسحاب جيش الاحتلال من مخيم نور شمس إن العملية العسكرية هدفت للوصول إلى المقاومين الذين فوجئوا بحجم الاقتحام، واشتبكوا مع جنود الاحتلال، وجرحوا منهم 5.
وكان جيش الإسرائيلي قد أعلن أنه قتل 14 مسلحا، وهو العدد الأكبر بين عدة عملياته التي استهدفت مخيم نور شمس، وبالمقابل اعترف بجرح 9 من جنوده خلال الاشتباكات مع المقاومين.
ونسبت مواقع عبرية نبأ استشهاد قائد كتيبة طولكرم لوسائل إعلام وصفحات فلسطينية، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه لم يتمكن من التأكد من ذلك.
قائد الكتيبة
وينتمي أبو شجاع لعائلة فلسطينية هجّرها الاحتلال من مدينة حيفا في نكبة عام 1948، واستقرت بمخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية. وولد الشاب الأوسط بين 5 أشقاء، ونشأ وترعرع في المخيم وتعلم في مدارسه، لكنه لم يكمل دراسته لظروف قاهرة.
وتعرض أبو شجاع للاعتقال في سجون الاحتلال منذ كان في عمر الـ17 عاما، وبعده اعتقل مرتين قضى بموجبهما نحو 5 سنوات في سجون الاحتلال. إلى جانب اعتقاله في سجون السلطة الفلسطينية مرتين. كما استشهد شقيقه الأصغر محمود، خلال اقتحام الاحتلال للمخيم قبل 4 أشهر.
ولمع اسم أبو شجاع (26 عاما) كأحد أبرز المؤسسين لكتيبة طولكرم-سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مع استشهاد المقاوم سيف أبو لبدة من مخيم نور شمس، الذي تزعّم فكرة الكتيبة وبداية نشوئها، أسوة بكتائب المقاومة المنطلقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية في الضفة الغربية، ليتولى أبو شجاع قيادتها وتطويرها.
وتحت ضغط الاقتحامات والتوغلات الكثيرة لمخيم نور شمس، رفض أبو شجاع والمقاومون تسليم أنفسهم أكثر من مرة، فظل مطاردا لمدة عامين.
ووصف الإعلام العبري أبو شجاع بأنه "من كبار المطلوبين لإسرائيل"، وأنه "شخص زعزع الاستقرار بشمال الضفة الغربية".
(الجزيرة)