السيدة المناضلة وجيهة الحسيني (قمر فلسطين) زوجة الشهيد المجاهد عبدالقادر الحسيني

 حدثني المرحوم فيصل الحسيني عن والدته وجيهة الحسيني عندما عملنا سوياً عام 1960 في حركة القوميين العرب، وكنا في القاهرة. ومما أخبرني في ذلك الوقت أن والدته كانت تناصر قوات الجهاد المقدس التي كانت برئاسة والده المجاهد الكبير عبدالقادر الحسيني، وهذه المناصرة تمثلت بالدعم المعنوي والمادي لقوات الجهاد المقدس حيث عملياً كانت تمول من جيبها الخاص كل ما يلزم هذه القوات من ملابس وذخيرة وأسلحة، والإيمان بدور زوجها البطل عبدالقادر الحسيني وهي كانت قد ورثت من والدها إرثاً كبيراً من الأراضي فكانت تبيع قطع أراض لتمويل هذه القوات المجاهدة.
وحدثني ايضاً المرحوم فيصل الحسيني عن دور والده النضالي وعن حبه للمجاهد المناضل بهجت أبوغربية. وفي فترة المقاومة في الأردن تعرفت أكثر إلى الأستاذ المناضل بهجت أبوغربية حيث كان هو رئيساً لنا في لجنة مقاومة التطبيع التي ألفتها الأحزاب الوطنية الأردنية.
وحسب كلام المرحوم المناضل بهجت أبوغربية الذي أقام في مكتبي بعد تقاعده من عمله أن السيدة وجيهة كانت بنك الثورة، وحتى عام 1952 كانت السيدة وجيهة تسدد الفواتير المطلوبة منها التي تطلبها لدعم قوات الجهاد المقدس من ملابس وأسلحة وذخيرة.
وقد وجدت كلاماً جميلاً عن السيدة وجيهة في كتاب موسوعة تراجم النساء المقدسيات الذي صدر في عمان بعنوان (من القدس وإلى القدس) للمؤلفتين لبيك أحمد الوكيلي ونوزت جمعة أبو لبن، منشورات اللجنة الملكية لشؤون القدس عام 2019.
ولقد رايت من المناسب تعميم هذه المعلومة من هذا الكتاب لكل الأصدقاء والمهتمين، وأن هذه السيدة العظيمة يجب إبراز دورها النضالي وإبقاء شعلة هذه المناضلة في ذهن كل المناضلين لتحرير الوطن الفلسطيني والتي ضحت بكل ما تملك.


وجيهة الحسيني:
المجاهدة والمناضلة وجيهة، ولدت نحو 1908م، وهي زوجة الشهيد المجاهد الكبير عبدالقادر الحسيني، كانت ذات دين ومال وجمال ونسب، فكلاهما ينحدر من عائلة الحسيني المعروفة بالثراء وبالمكانة السياسية والاجتماعية المميزة، وهي أم الوطني الشهيد فيصل الحسيني.
رافقت زوجها وتنقلت معه في بعض البلاد العربية المجاورة وهي دمشق وبغداد والقاهرة، حيث قاسمته المحن والكفاح والاغتراب، وساندته في رحلة جهاده الكبيرة لعدة سنوات، ففي العراق تحملت مسؤولية كل من أسرتها ورعاية أطفالها حيث كان حينذاك معتقلاً في سجن عراقي من طرف السلطات البريطانية، وتقول عنها سيرين الحسيني شهيد في كتابها: "ذكريات من القدس" صفحة 194: (بينما كان زوجها معتقلاً، حولت السيدة وجيهة بيتهم، وسط بغداد، إلى ملتقى لجميع أولئك الذين جاؤوا ليشاركوا إلى جانبه في الكفاح من أجل حقوق الفلسطينيين، وكانت هي حاضرة في كل مكان، منشغلة وساهرة على الجميع وعلى كل شيء، وحينما لا تكون منشغلة برفاق الشهيد عبدالقادر، كانت تقضي وقتها متنقلة بين المصالح الحكومية لتسوي مشكلات إقامتها في العراق، أو لتستفسر عن مصير زوجها، فكان عملها هذا مثار إعجاب واحترام لدى مجمع العشيرة الفلسطينية). نتيجة لذلك، فقد وجهت السلطات البريطانية تهمة مساعدة وإيواء الثوار وتحريضهم على القتال، وحكمت عليها المحكمة بالإقامة الجبرية في بيتها ببغداد مدة عشرين شهراً.
جاهدت وجيهة بنفسها وبمالها بجانب زوجها عبدالقادر، حيث باعا كل ما يملكان من أراض وعقار وأنفقا ما حصلا عليه من مال لشراء السلاح للدفاع عن وطنهما فلسطين، فعانت من الفاقة اثناء وجودها خارج وطنها فلم يكن بإمكانها استرجاع ثروتها الموجودة في فلسطين حيث كانت حاجتها من المال تصلها بغير انتظام من فلسطين، فكانت ذات كرامة وتكتم حريصة على ألا تكشق همومها الشخصية وفاقتها لأي أحد.
استشهد زوجها في 8/4/1948م وهي في ريعان شبابها وفي الثلاثينات من عمرها تاركاً لها أربعة أطفال (هيفاء، وموسى، وفيصل، وغازي)، فأحسنت تربيتهم وأنشأتهم على الوطنية وعلى خدمة القضية الفلسطينية بشهادة الجميع. كما كانت من بين المتبرعين بمجموعة من المخطوطات لـ "مركز الأبحاث الإسلامية" بالقدس كما ورد في كتاب عايدة النجار في كتابها "القدس والبنت الشلبية" صفحة 54.
توفيت سنة 1983م أي بعد (35) سنة من استشهاد زوجها وقد قالت عنها الكاتبة الفلسطينية أسمى طوبي في كتابها "عبير ومجد" : لقد قيل أن وراء كل عظيم امرأة عظيمة ووراء الشهيد الكبير عبدالقادر الحسيني كانت وجيهة الحسيني.