مَنْ يوجّه مَنْ في دمج الوزارتين؟!!

عند قراءة الكتاب الرسمي الموجّه لنائب رئيس الوزراء بفكر واعٍ، ونظرة سياسية حصيفة، لا بدّ لنا من أن نقف عند بند (أولا) الذي يقول: " الموافقة على التوجّهات العامة لتطوير وإصلاح منظومة التعليم في المملكة "، على الرغم مما اعترى الجملة من إرباك في التركيب اللغوي الصحيح، إذ إن الصواب هو (الموافقة على التوجّهات العامة لتطوير منظومة التعليم في المملكة وإصلاحها)، وهنا أستغرب!! هل مجلس الوزراء يقرّر، أم يوافق على توجّهات؟ ولعلي أجد الجواب المباشر لعدم معرفة المتنفذين في الوزارة بالأمر، وأنهم تفاجأوا بكتاب الإلغاء، واعتقدوا أن الوقت غير مناسب لهذا الخطاب، وأن الوزارة اتخذت جملة من الإجراءات التي تناقض مضمون الكتاب.

ومن اللافت للنظر، ويزيد من الاستغراب هو إصدار الموافقة على هذه التوجهات في غياب البرلمان!! ألم يعرف المعنيون أن ترجمة هذا الكتاب تشريعيّا يحتاج إلى الموافقة على جملة قوانين، وإلغاء أخرى، وما مسوّغ أن تُلغى وزارات وتشكَّل أخرى، أليست هذه وغيرها مرهونة بقوانين؟ بل وكيف تشكَّل مجالس وتلغى أخرى، أليست هي كذلك محكومة بقوانين؟ وهل المجلس القادم عندما ينعقد وتشكَّل حكومة جديدة نضمن موافقتها على هذه التوجّهات، أم الموافقة مضمونة والاستعجال هو التخوّف من عدم الموافقة؟!

والسؤال الأهم هو: هل تجربة مديريات التربية والتعليم الميدانية على مستوى المحافظات كانت أكثر نجاحا، أليست هذه التجربة كانت سابقا، ومن التجارب التي تجاوزناها إلى مستوى الألوية؛ أملاً بالمتابعة الأكثر التصاقا بالميدان، والأفضل لتحسين التعليم.

وعمليّا، نحتاج من أجل فكّ الاشتباكات التي سيخلقها هذا التوجّه بين الأمانات العامة، فيما يتصل بالميدان والتي لا يتوقعها أحد، إلى أمانة عامة سادسة. فالمديريات الميدانية تتبع إداريّا لإحداها وتتبع فنيّا لأخرى، وتقويم الأداء والاعتماد ينقسم بين جهتين، والتخطيط الاستراتيجي لواحدة وكل إدارة لها خططها، والمجلس الذي يوجه ويشرف هو مجلس وزاري برئاسة نائب رئيس وزراء للشؤون الاقتصادية، ووزير دولة لتحديث القطاع العام، ويساعده أربعة وزراء ليس من بينهم مختص بالتربية، أو له خبرات تربوية لافتة للنظر.

كل التوقعات كانت تتجه لإصلاح التعليم، وتطوير ما ينسجم وتوجهات جلالة الملك التي عبّر عنها في ورقته النقاشية السابعة، ووجّه بها في أكثر من خطاب، وأكثر من مناسبة، لكن يبدو أن الطلبة في نظر متخذي هذه القرارات لم يكونوا بحسابات من وجّه بهذا التغيير الكبير الذي ربما تحتاج الأردن لعقد من الزمن بين تجريبه والأخذ به، أو النكوص عنه مقرونا بالندم، ولات حين مناص!!

كان الله بعون الأردن بعد أن أفلس ممن يتوقع منهم المساعدة!!