عاجل - ايهاب سلامة يكتب: أقلام التدخل السريع .. موجهة أم متطوعة؟
كتب ايهاب سلامة -
بعض الأقلام، تتطوع للدفاع عن الأردن على مدار الثانية، وتفتح نيران أسلحتها على اتهامات غير موجودة إلا في نفوس أصحابها - ربما - واسقاطاتهم!
الأردن، ليس في قفص اتهام لكي نبالغ في الدفاع عنه..
عندنا أخطاء؟ نعم عندنا، مثل جميع بلاد الكون، ولا نركب موجة إنكار الواقع، ولكن، مغالاة بعض الأقلام المتطوعة لارتداء ثوب المحاماة مرة، وقبعة دون كيشوت مرة أخرى، والترافع عن الأردن بما لا يعلم الأردني عنه إلا من خلال كتاباتهم، هدفه، إما وصولي صرف، أو آخر أبقيه "في نفس يعقوب" لا علاقة له من قريب أو بعيد بدوافعهم المزعومة!
هؤلاء الكتبة، لا تفرغ أقلامهم من الذخيرة، ويمارسون قصفهم العشوائي، بمناسبة وغير مناسبة، وإذا ما استيأسوا من رصد ما تيسر عن صفحات مواقع التواصل، لتغذية واستنفار قريحاتهم، يستدعون من إرشيف ذاكرتهم، تواريخ تأزيمية منسية، لتعكير المزاج العام، وسمّة بدنه.
هم أتباع المدرسة الوصولية، ومن الطلبة الكادحين فيها، وتخرجوا منها بمرتبة الامتياز مع سبق التسلق، نعرفهم بالإسم والشكل ولون العين، فحارتنا جداً ضيقة، والناس صارت أوعى من توقعاتهم. مللنا من اسطواناتهم المشروخة، ومنهم، وهم يرددون على مسامعنا نفس الأهزوجة، منذ تأسيس الإمارة.
مرة ينصّبون أنفسهم حراساً على البلاد والعباد، دون أن نمنحهم تفويضاً وتوكيلا.. ومرة يوزّعون علينا صكوك الوطنية، على إيقاع لحن نشاز، ولم نر مرة نيران أقلامهم موجهة بالنقد لحكومة، ولم يخطوا حرفاً عن القضايا التي تجيب وجع الرأس، وسكتوا عنها، وعشعشت الطيور على رؤوسهم وأفواههم!
المضحك، أن أصحاب هذه الأقلام الوصولية الطامحة، أقصوا أنفسهم بأنفسهم، وحفروا حفرة ووقعوا فيها.. فالنَفَسُ الذي يسوّقون به أنفسهم، قد يصلح لاستهلاك شعبوي ضيق منفر، لكنه مؤكداً لا يصلح لوظيفة "رجل دولة"، ولا للمناصب الرسمية المأمولة!
هواية التنطح، وخرطشة الأقلام الهجومية والدفاعية كل لحظة وأختها، وتوزيع الشهادات الوطنية، يثير المخاوف والهواجس، ويؤجج النار التي يزعمون أنهم يحاولون إخمادها.
الأردن، ما زال بخير، وصحة وعافية، وعبر أزمات كارثية خلال عقود منصرفة، وسيعبر، برعاية الله أولاً، ووعي أبنائه المخلصين، قبل شطارة حكوماته وبرلماناته الهزيلة البائسة.
الأقلام الحريصة على إبقاء الأجواء مشحونة، ومناطحتها طواحين الهواء كل شاردة وواردة، لا ندري كيف تخدم الأردن، إلا إذا كان لديهم أسرارهم التي لا نعلمها، قدس الله أسرارهم.
المثير حد السخرية، أن بعض أغرار الإعلام، ووسائله، ممن يترصدون هذه الأقلام، لاعتقادهم بأنها "موجهة"، وتحمل رسائل مؤسسات عميقة، لا يعلمون أنها متطوعة من تلقاء وسواس خناس، منها من تخط مدادها بدوافع سقيمة، ومنها، من تتغزل بمطبخ القرار، على أمل الالتفات إليها في الأعطيات القادمة!
الخبر المؤسف لهم، أنهم ما زالوا يستخدمون الحمام الزاجل لإيصال رسائلهم الغرامية، وربما لا يعلمون أن الوسائل الوصولية التقليدية لم تعد مستساغة أبداً لمن يحاولون مغازلتهم!؛ فالدولة اليوم، تخطت مئويتها الأولى، وتقف على عتبات تحديات بالغة التعقيد والصعوبة، وآخر ما تحتاجه الزجالين والـ"عويدة" وأصحاب وصلات التسحيج والدحية، بقدر ما تحتاج - منطقياً - إلى عقول قادرة على المساهمة في " شيل الحمل" الثقيل الواقع على ظهرها وأكتافها.
وزيادة في الشعر بيتاً، لكي ننغص عليهم: لقد عاصرنا نسخاً سابقة من ذات الأقلام الذين وصل أصحابها إلى مغانمهم الزائلة، وجربناهم، وليتنا ما جربناهم، فجميع كتاباتهم التنظيرية كانت تتلاشى بطرفة عين، حالما جلسوا على مقعد في الدوار الرابع!