التوجيهي الجديد: نظرة مغايرة!!



ليس أبعد عن الصواب من غياب منهاج لإصلاح التعليم، وغموض أولوياته! 

بدأ معالي أبو قديس مسألة تطوير التوجيهي عام/ ٢٠٢١ بعد تزايد المشكلات الناتجة، أو المسبّبة، أو المرتبطة بامتحان التوجيهي، وكان في ذهنه ما يأتي:
-تطوير شامل للتعليم.
-تخفيف أعباء امتحان التوجيهي.

ولتحقيق هذا الغرض شكل لجنة، لسوء حظي كنت عضوًا فيها مع عدد كبير ممن اكتشفت أنهم صقور امتحانات، أسميتهم: الامتحانيون الجدد، وسرعان ما اكتشفت أن لا مشترك واحدًا بيني وبين اللجنة. أصدرت اللجنة تقريرها، وكان د. وجيه عويس وزيرًا جديدًا، رفض بشدة، أو أهمل بشكل كامل توصيات اللجنة.

ذهب د. عويس، فجاء د. محافظة وزيرًا للتربية والتعليم، فلم يجد أي صعوبة في فرض توصيات لجنته على مجلس للتربية لم يعرف عنه أنه استخدم كلمة "لا"، ربما إلّا في تشهّده!!

(١)
ما عيوب الامتحان السابق؟

ما يُعاب على النسخة السابقة للتوجيهي الذي ما زال جاريًا هذا العام أنه:
-يعاني من سوء اختيار الأسئلة.
-يركز على أسئلة الحفظ بشكل لافت.
-يسبب توترًا مجتمعيّا فائقًا ومقلقًا.
_يرعب الطلبة ويوترهم.
-يتوّه في ترسيب آلاف الشباب سنويّا.
-ليس متنبئًا جيدًا في النجاح الجامعي.
_ ليس عادلًا بين البيئات المختلفة
إطلاقًا.
-ساهم في هجرة الطلبة نحو الخارج وتطفيشهم إلى برامج أكثر تحضرًا.
-لا يصلح وحده للقبول الجامعي.
هذه عيوب الامتحان القديم، والتي يتفق عليها الجميع، ولذلك ؛ فإن من المتوقع أن يعالج أي تغيير فيه كل هذه المشكلات، أو بعضها أو على الأقل واحدة منها! فهل فعل؟
هل حل الامتحان بثوبه الجديد ما عجز عنه الامتحان القديم؟
وماذا حلّ ؟ وماذا ربط؟

(٢)
خصائص النسخة الجديدة
من دون الخوض في التفاصيل غير المفيدة والتي تستهوي المسؤولين، يمكن تحديد الخصائص العامة للنسخة الجديدة بما يأتي:
-يعقد على مدى عامين.
-يختار الطلبة مجموعات من المواد حسب تطلعاتهم الجامعية.
-يمكن إعادة تقديم الامتحان في مواعيد أخرى متوافرة.
طبعًا هذا ليس اختراعًا جديدًا،
حيث إنه شائع في عدد من الدول مثل بريطانيا.
ويركز الامتحان الجديد على السماح للطلبة باختيار مادة، أو أكثر ، إضافة للمواد الإجبارية.
هذه هي الصورة! فهل هذا كافٍ لمعالجة سلبيات النسخة القديمة؟ هل سيقلل توترات المجتمع أم يزيدها؟
هل سيجعل التوجيهي قضية طلابية دراسية غير مجتمعية؟
بل هل سيخفف توترات الطلبة؟
ليس من السهل الإجابة عن هذه الأسئلة الآن، مع أن المسؤولين يرون أنهم وصلوا لحلول جميع المشكلات المجتمعية والطلابية والفنية والقبول الجامعي. بينما أرى أنه ليس من الحكمة إصدار حكم على تجربة لم تبدأ بعد، ولذلك كل ما يتمناه مخلص أن نصل إلى نظام عادل.

(٣)
ما يمكن الحكم عليه الآن!

النظام الجديد، لم يمسّ العيوب الحقيقية للامتحان القديم فقط، بل خلق مشكلات جديدة!

أما المشكلات التي لم تحل فهي:
-عدالة الامتحان العام الذي يقدم الأسئلة نفسها لطلبة يتفاوتون في بيئاتهم بشكل واسع!
-وقف الهجرة إلى أنظمة تربوية خارجية.
-إحداث تطوير على المناهج.
فتطوير الامتحان كان منفصلًا عن فلسفة المناهج أصلًا، مما اضطر المناهج أن تلحق بنظام الامتحان
وليس العكس كما ينبغي أن يكون!
-ستبقى أسئلة النسخة الجديدة تلقينية تقيس الحفظ؛ لأن شيئًا ما لم يتغير في فلسفة التعليم.
أما فيما يتعلق بالمشاكل التي خلقها
وتحتاج لساحر كي يحلهافهي:
-صعوبات في توفير مروحة المواد الاختيارية في كل مدرسة، ما سيجعل الطلبة يدرسون بعض المواد في غير مدارسهم، أو يجبرونهم على اختيار المتوافر في مدارسهم.
-صعوبات القبول الجامعي وفق
المجموعات التي اختارها الطالب: فمن اختار المجموعة الصحية ولم يحصل على قبول، سيقاد إلى توهان بل دوامة.
أمّا المعضلة الأخرى المفجعة
فهي أن الطبيب مثلًا لا يحتاج، أو لا تحسب له علامات مواد إنسانية في القبول الجامعي، ما يكرس ذلك أن الطبيب يحتاج إلى البيولوجيا ولا يحتاج إلى علم النفس والاجتماع حتى اللغة العربية!

فهمت عليّ ؟؟