هل تتشظى غزة والله على نصرها لقدير؟!
لا يمكن بأي حال تجاهل الخطاب الديني من ان الله ينصر من ينصره ، وان النصر من عنده وحده لا يرتكز الى قوة او عدد او سلطة، ومع ذلك فالناظر للمشهد يجد ان اهل غزة مرابطون ، مؤمنون، صادقون، ضحوا بالغالي والنفيس لنصرة الله والدفاع عن حقوق الامة المستباحة، الا اننا نجد انهم يقتلوا، ويشردوا ، وتنهب اموالهم ويساموا سوء العذاب على ايدي فئة ظالمة متوثبة على كل القيم الانسانية والاخلاقية لا يردعهم رادع ولا يلجمهم قادر ، وبذات الوقت يجد المتمعن في السياسات الدولية وخصوصا الدول القادرة على ضبط ايقاع اي كان من الدول والكيانات في العالم ، لا يجد الا كل الدعم المادي والعسكري والمعنوي والاعلامي غير الاخلاقي والمتوازن الذي يؤيد القاتل وبذات الوقت يلوم الضحية.
ان الخطاب الديني لا يخرج عن مفاهيم ان النصر قريب، وان نهاية الظالم اتية لا محالة ، فعين الله لا تغفل عن ظلم ظالم او بطش جائر، وان كنا ولا زلنا ننتظر النصر من الله ، لان اهل غزة قد اعدوا ما استطاعوا وجادوا بالغالي والنفيس في سبيل الله ونصرة لقضيتهم وما زالوا ينتظرون النصر الموعود ، فهل هذا النصر قريب، وهل هذه المقاربة ممكنة الحصول...؟؟
لا يمكن ان يفك ما يحدث في غزة اليوم عن تاريخ الصراع والحروب التي خاضها المسلمون سواء انتصروا او انهزموا، بصرف النظر عن المعايير المادية لمفهوم النصر والهزيمة، ان قدرة الله لا يعلمها الا هو، ومفهوم النصر لا يمكن تأطيره دون الرجوع الى مقاصد الخالق وتدابيره لما سيؤول اليه الامر، فالهزيمة قد تكون بالمفاهيم البشرية المادية البحتة خسارة وبالمفاهيم الربانية هي النصر بعينه، فالمدقق بالأمر جله يجد ان المقاومة في غزة قد مرغت بالوحل انف عدو غاشم متسلط لا يحد من بطشه اي ضابط، يسانده قوى عالمية متمكنة تهيمن وتسيطر على العالم بأسره لا يعلم حدود قدرتها وسلطتها الا الله وحده ، ورغم ذلك نقول ان غزة قد انتصرت بصرف النظر عن معايير الربح والخسارة في اطار المعايير المادية والبشرية.
ان حرب غزة وقوة صمود ابنائها ، وبأسهم وتحملهم الذي عز نظيره والذي لا يوازيه في التاريخ اي شاهد، يعد بمثابة فتح للعقول والقلوب ، فما نراه من دعم لصمود اهل غزة من قبل شعوب العالم الحر قاطبة ، وخصوصا من الفئات المتعلمة والقادرة في لقريب المنظور على قيادة العالم وتوجيه ا لدفة لصالح المقاومة الفلسطينية وتمكينها على الارض لاستعادة حقوقها واقامة دولتها ، رغم ان المخطط الدولي قد استقر على طي صفحة حقوق الفلسطينيين وحل الدولتين .
نعم لقد انتصرت غزة...... حينما كبدت الكيان الغاشم خسائر بشرية لم تعهدها في حروبها السابقة ، خسر العدو آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى والمعوقين رغم ان هذه الاعداد لا يقر بها العدو حرصا على معنويات جنوده وتماسكا للجبهة الداخلية التي تتآكل مع الايام ، فالعدو يألم ويعاني بسبب هذه الحرب الامر الذي زعزع الثقة باستمرارية الاحتلال وصمود الدولة الذي لم يحصل لولا حرب غزة.
لقد انتصرت غزة .... عندما اوقفت العجلة الاقتصادية وكبدت العدو ما يزيد عن سبعين مليار دولار كخسائر اقتصادية لا يمكن تفادي نتائجها لعشرات السنين.
انتصرت غزة......عندما غيرت الصورة النمطية للشعب الفلسطيني من مجرد ضحايا الى شعب حر يقاتل ويناضل لاستعادة حقوقه، الامر الذي احيا الروح المعنوية والاصرار على المقاومة لتحقيق الاهداف واقامة الدولة التي تتسابق الدول للاعتراف بها .
انتصرت غزة.... عندما ازاحت القناع عن الوجه الحقيقي للعدو الصهيوني الغاشم وعرته امام العالم، رغم ما قامت به الصهيونية العالمية من تظليل وتجميل لهذا الوجه القبيح لسنوات طويلة خدعت فيها الرأي العام العالمي.
انتصرت غزة.... بصرف النظر عن نتائج القتال على الارض ، فلا يمكن النظر الى النتائج بعيدا عن الاسباب والموجبات، فجهاد اهل غزة جهاد مشروع تقره كافة الشرائع والقوانين فهو جهاد تحرر ومقاومة لمحتل غاصب، وهذا ديدن الشعوب الحرة وكافة حركات التحرر على مر التاريخ فالاحتلال الى زوال بوجود مقاومة حرة صادقة مخلصة بصرف النظر الى فاتورة الربح والخسارة، فالمقاوم ليس تاجر ولا يرتكن الى قوانينها وسياستها، فلا يمكن المزايدة على جهاد اهل غزة سواء كانت النتائج ثقيلة ام خفيفة ، فالمطلوب ان نضمد جراح اهل غزة ونساندهم في جهادهم بكل ما يمكن ، لا ان نوجه لهم اللوم والانتقاد ، فهم اجدر بالافتخار والفرح لا بالتخذيل والتخوين.
نعم انتصرت غزة.... رغم انف كل خانع متخاذل متعاون متآمر ... فما احوج اهل غزة الى الدعم والدعاء الصادق بأن يرحم الله شهدائهم ويداوي جرحاهم ويثبت قلوبهم... وما النصر الا من عند الله.... ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت ... اللهم اربط على قلوب اهل غزة اجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل.