تجسيد معاني الاستقلال في انتصار إرادة القيادة والشعب في استمرار البناء
يقف الأردنيون وقفة عز وافتخارفي هذا اليوم التاريخي بكل ما يحمله من تاريخٍ مشرف وكفاحٍ من أبناء الأردن لنيل الحرية والاستقلال، نعم من حقنا أن نفخرلأن الاستقلال احد شواهد الانجاز الخالدة للأردنيين وبني هاشم والقيادة الهاشمية المظفرة فقد تحقق الاستقلال بعد رحلة الكفاح الأردنية التي قادها ملوك بني هاشموالأردنيين و بنوا وطنا نفاخر به الدنيا،واليوم ونحن نحتفل بالذكري الثامنوالسبعين لاستقلال المملكة التي يحييها الأردنيون في الخامس والعشرين من أيار في كل عام، يقدم الأردن نفسه كنموذج مميز في مواجهة الأزمات وفي تراكم الانجازات الوطنية، ولأنني من أبناء التعليم فأنني أنظر إلىالتعليم والنظام التعليم في المملكة بأنه كان ولا يزال أحد ثمار هذا الاستقلال ، و حظي بالرعاية في مراحل تطوره كافة بوصفه محورا مهما في مسيرة التنمية الشاملة المنشودة منذ عهد الملك المؤسس، وحتى عهد الملك المعزز.
نعم يحتفل الأردن والأردنيون بهذه الذكرى الوطنية العظيمة ذات المعنى والمدلولات في تاريخ الوطن الغالي ، ومنذ تسلم صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه الذي قاد النهضة بشمولية المعنى واتساع رؤية الهاشميين , فجلالته حفظه الله ورعاه , منذ تسلمه الراية وهو يبذل جهوداُ خيرة لإعلاء شأن الوطن ورفعته وازدهاره وتأمين الحياة الحرة الكريمة للمواطنين , فكان عطاؤه بلا حدود في جميع المجالات ، وهنا أستذكر في هذه المناسبة الجليلة ما قدمه جلالته في المجال التعليمي الذي نال منذ تولي جلالته – حفظه الله ورعاه - سلطاته الدستورية حظا وافرا من الرعاية والاهتمام؛ إيمانا من جلالته بأهمية التعليم في تكوين رأس المال المعرفي وفي عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، وتأكيده على مبادئ العدالة و المساواة ،وتعزيز الخدمات التعليمية بين مناطق المملكة المختلفة.
لقد
استمر جلالنوعي نجدلى نهج الأباء و
الأجداد وحقق نقلات كمية ونوعية في مجال
التعليم، فمن المنظور الكمي نجد انه منذ عهد الاستقلال عام 1946 وحتىعيد الاستقلال 2024 ، نجد أن هناك
نقلة في عدد المدارس الحكومية والخاصة والتيكانت ( 77) مدرسة معظمها مستأجر في حين نجدها الآن وصلت إلى ( 7680)
مدرسة ونسبة المدارس الحكومية منها تشكل
(53 %)، كما أن عدد المدارس التي يوجد فيهارياض الأطفال لم تتعدي (12) مدرسة في حين بلغت الآن يوجد أكثر من (7635)مدرسة حكومية وخاصة تدرس
رياض أطفال كما أن من ثمرات الاستقلال التطور في أعداد الطلبة نجد أن عدد الطلبة في
القطاعين العام والخاص منذ عهد الاستقلالكان (10729 ) طالبا وطالبة ، في حين أصبح الآن ( 2200082) طالبا وطالبة ،
كما كان عدد العاملين ( 1861) معلما وإداريا معظم من غير الأردنيين، واليوم أصبح العدد ( 184788) معلما وإداريا في
القطاعين العام والخاص وجميعهم من الجنسية الأردنية ،
و ن المنظور النوعي نجد آثاره ذلك في انعكاسه على تخفيض نسبة الأمية التي كانت تزيد عن( 90%
)إلى أن وصلت الآن ( 4.9%). وفي تبوأ الأردن لمكانة وسمعة في الخارج بسبب نظامه
التعليمي، وأيضا يظهر أثر هذا النظام في الإسهامات في بناء الأنظمة التعليمية في
الخارج من قبل الكفاءات الأردنية التي عملت في الخارج ،وحققنا سابقا نتائج إيجابية في المؤشرات التعليمية الدولية
وفي تطوير المناهج وغيرها، إلا أن وبسبب سياسات غير ناضجة من قبل بعض المسؤولين
أدت إلى تراجع أداء النظام التعليمي و
تراجع مكانته النظام التعليمي، والتي تحتاج استلهام معاني الاستقلال للنهوض به
مجددا مما يعني علينا بذل الكثير من الجهود
للإصلاح وتطوير التعليم حتى يعود النظام للمكانة التي كان يحظى بها، وأن يكون حجم
الإنجاز بحجم الجهود المبذولة في الجوانب
الكمية والنوعية التي تحققت في السابق ولم نستطع المحافظة عليها .
و
لعل التوجهات والرسائل والتوجيهات الملكية المتعاقبة والمبادرات التي يطرحها تهدف
وتصب في ذلك وإلى تحقيق التميز والجودة
والإتقان في التعليم والوصول إلى الريادة والقيادة، وليصبح قطاع التعليم أنموذجا
عربيا ودوليا وبيت خبرة لكل الدول المحيطة والصديقة ولوضع
التعليم على خارطة العالم كألوية في التنمية البشرية، فهل في يوم الوفاء للوطن
تكون لدينا الجرأة أن نقول أننا لم نستثمر هذهالتوجيهات والمبادرات ولم نترجم هذه الرسائل ولم نحافظ على هذه الإنجازات؟، ونعترف بأننا قد
فرطنا بها ولم نستطع أن نحافظ على ثمرات الاستقلال التي تحققت في مجال التعليم ، وهل يمكن أن نراجع أنفسنا
وقرارتنا وخططنا والتي أدت إلى التراجع
النوعي في التعليم؟ سواء أكانت أسباب داخلية تتعلق بالنظام التعليمي وأخرى خارجية
أثرت على النظام التعليمي، وخاصة خلال السنوات الأخيرة، والتي كشفت عن الكثير من
التحديات والمشكلات في إدارة النظام التعليمي وفي السياسات التعليمية لجميع عناصر
المنظومة التعليمية من مناهج وتدريب معلمين وبنية تحتية مادية وتقنية وغيرها
الكثير والتي أدت إلى تراجع نوعية التعليم
في الأردن ، هل يمكن للمعنيين بالنظام التعليمي القبول بإعادة التفكير في نظامنا
التعليمي التخلي عن العناد والاعتراف،
وتحييد المحسوبيات
وعدم الاستجابة للسياسات التدميرية في تنصيب الكفاءات غير المؤهلة لإدارة التعليم بغض النظر عن مصدرها،
ومراجعة عناصر المنظومة التعليمية بشمولية حتى يسترد النظام التعليمي عافيته ويعود إلى المكانة التي كان عليها في السابق.
إن تجسيد معاني الاستقلال والتحرر تتمثل في انتصار إرادة القيادة والشعب على إرادة المتكسبين غير القادرين على وضع قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد وغيرها على سلم أولوياتهم وغير القادرين على إدارتها واستثمار طاقاتها وإعادة المكانة لها ، فتجسيد معاني الاستقلال في التعليم في إيجاد قيادات تربوية تتوفر لديهم العزيمة والإرادة ليكونوا قادرون على ترجمة معاني الاستقلال ليبقى الأردن النموذج في استثمار طاقات الإنسان وإبداعاته، و إعادة تميز وألق النظام التعليمي الذي كنا نفاخر به والذي لن يتم ذلك إلا من خلال إعادة بناء نظام تعليمي متكامل و متطور وبمشاركة مجتمعية واسعة ليكون قادر على الصمود في كل الظروف والأزمات، فتجسيد معاني الاستقلال يا ساسة لا تتم بدمج مؤسسات تعليمية بطرق غير علمية، ولا بإلغاء أخرى فاعلة دون دراسة أو وعي بوظائفها ومسؤوليات ولا بضم قطاعات ومهام ووظائف ومسؤوليات غير مترابطة، واستحداث مناصب للأصدقاء والمتكسبين، ولا تتمفي تنفيذ توجيهات لتعيين إدارات لإدارة النظام التعليمي بالبراشوت أو بالمناكفات ضد المكونات المهنية ،ولا بمنح المكافآت نتيجة المواقفالمدفوعة ويحتلوا مواقع إدارية في التعليم ،وهم لم يدخلوا يوما الصف الدراسي إلا طلابا، وبالمقابل يتم استثناء أصحاب الكفاءات، فمعاني الاستقلال يا ساسة لا تتمبتقيد ارزاق الناس وإصدار أنظمة وقرارات تدميرية للإضرار بموارد الدولة الاقتصادية التي تأتي من الخارج من العمالة الأردنية في المجالات التربوية وغيرها، فلاستقلال هو حرية الإرادة ونجاعة القيادة والإدارة لشؤون الدولة.
وأيضا فمعاني الاستقلال تتمثل في أن يقود هذا النظام قياداتتربوية قادرة على ترجمة الرؤىالمستقبلية التطوير الأردن على أرض ، وقادر على بناء سياسات و إعادة النظر في السياسات التعليمية القائمةلإعادة صياغة شكل الإنسان الأردني الذي نريد للمستقبل للتوائم مع احتياجات المستقل ، والمساهمة في بناء المجتمع ، كما أن تمثل معاني الاستقلال وفي ظل الاحتياجات المستقبلية تتطلب إعادة النظر وتغيير النهج لتعزيز مكانة النظام التعليمي وعناصر المنظومة التعليمية كاملة ومنهاالمعلم الأردني الذي اعتراه الخوف والوهن والفقر بسبب السياساتالحكومية والتضيق عليه مما أدى إلى تراجع في الأداء والتميز الذي كان يميزه ن غيره، وتوفير سبيل العيش الكريم، والاعتراف في دورهوبناء شراكة استراتيجيه معه باعتباره حجر الزاوية في تطوير النظام التعليمي، لأن التعليم أولوية وضرورة حتمية للتنمية الشامة والمستدامة .
ولأن الاحتفال بعيد الاستقلال يجب أن يكون استقلال في الفكر والتوجهوالعمل فهو استقلال إرادة وعزيمة وعدالة وتكافؤ الفرص، ومشاركة واسعة وتفاعل مع الأخرين لرفعة الوطن وليس تعبية والاعتماد على الغير، ولا يكون بتخدير الناس بتصريحات وهمية بناء على تقارير وتصنيفات خادعة من الجهات الدولة التي أثقلت كاهل الدولة بالديوان بهدف حفزها على الاستدانة وتركعيها وبالتالي التضييق على الشعب بفرض الجبايات لسداد هذه القروض ، فلاستقلال يا ساسة هو الحرية والتحرر والانعتاق وعدم الخضوع لأية سلطة أو ضغط أو تأثير خارجي . والاستقلال هو استقلال ليس سياسيا بل هو اقتصاديا ، وإداريا وماليا وثقافيا، وبهذه المعاني يكون الاستقلال دفعة قوية للأردنيين عامة ، والتربويين خاصة لبذل المزيد من العطاء والإنجاز في مسيرة البناء وحماية المكتسبات التي حققها الأردن ،وتجسيد معالم الدولة الحديثة القائمة على الانتماء للوطن والتمسك بالمبادئ القومية والمحافظة على الثوابت، فمن المهم أن نكون مستقلين في نظرتنا المستقبلية، والاستفادة من أفضل التجارب والممارسات الإقليمية والدولية التي اتبعتها النظم التعليمية، والأمر الأهم ولأننا نريد أن نكون مستقلين في توجهاتنا فمن المهم إعادة النظر في موضوع دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي ليكون الهدف منه تطوير التعليم لأن التعليم هو الركيزة الأساسية في مسيرة الإصلاح والبناء ، وفي يوم الاستقلال فإن الدعوة مفتوحةللقائمين على قطاع التعليم لاستلهام معاني الاستقلال وإعادة النظر في توجهاتهم وقراراتهم، وخططهم والبدء بإجراءات تنفيذية ملموسة، والعمل دون تردد أو تأخير، واستثمار كل الطاقات البشرية والموارد المتاحة وتوجيهها لتحقيق النهضة التعليمية التي یصبو إليها جلالة الملك ويوجه لها .
إن يوم الاستقلال هو فرصة لإعادة استنهاض الهمم والحفز على بناء الوطن في المجالات كافة وخاصة المجال التعليمي، فالأردن القوي الذي يعيش بين أمواج متلاطمة يستطيع أن ينهض ويواكب كل التطورات في جميع مجالات الحياة، ولا يحتاج إلا إرادة وقدرة على اختيار من يديرون شؤونه بانتماء صادق لأن الاستقلال هو ولادة روح جديدة للوطن إذا صدقنا العزم ، ومعانيه تفرض علينا جميعا أن يكون لدينا الإرادة القوية والعزيمة الصادقة لتحقيق نهضة تعليمية متميزة حتى يعود الأردن والنظام التعليمي لطليعة الأنظمة المتقدمة، وأن يكون حافزا لنا جميعا على الاستجابة لترجمة ما يطمح له جلالته من النهضة التعليمية لوطننا العزير وتحقيق التميز والجودة والإتقان حتى يبقى الأردن في طليعة الدول المتقدمة، و أنموذج يحتذى في استثمار طاقات الإنسان وإبداعاته.