ابتدأ موسم "الكلاحة"!

 
 
حفل زفاف في الجوار،،،

كيف يمكن لإنسان سويّ صاحب وازع ونخوة أن يستمرئ إقامة عُرْس بينما أهل غزّة يبادون.. والزمر والطبل و"الدي جي" تلعلع بأعلى صوتها وكأنّ شيئاً لم يكن؟!

سيتشدق أحدهم ويقول: الحيّ أبقى من الميت، والحياة يجب أن تستمر!

وقد يزاود أحدهم علينا فيقول: نحن نريد أن نفرح حتى نُري أعداءنا أنّنا باقون، وأنّ الحياة لدينا مستمرّة رغماً عن أنوفهم!

وربما يتمادى أحدهم في السماجة فيستشهد بمحمود درويش: ونحن نحبّ الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا!

حسناً، فلتستمر الحياة لديك كما تشاء، ولتحب الحياة كما تشاء، واذرع لها ما يحلو لك من سُبُل.. ولكن كما يقول التعبير الشعبي: "إشي ومنو"!

المطلوب القليل من الحياء، فقط القليل من الحياء!

المطلوب بادرة أو لفتة صغيرة تشي بشيء من الاحترام والتقدير لكلّ هذه الأرواح التي تُزهق والدماء التي تسيل!

اخفض صوت "الدي جيه" قليلاً، اسمع أنت ومدعوييك "على قدّك"، اختصر فقرات الزمر والطبل والهزّ والخلع.. ولكن أن تقيم عرساً مكتمل الأركان والفقرات وبالصاع الوافي فهذا ضربٌ من قلّة الذوق والحِسّ والوجدان!

منظمو الأعراس و"الديجيهات" وأصحاب الصالات والفنادق والأندية والمزارع التي تؤجّر مرافقها يقع عليهم لوم أيضاً؛ حاولوا أن "تعقّلوا" على زبائنكم قليلاً، وأن تضعوا لهم نوعاً من الضوابط ولو بالحدّ الأدنى!

الزبون ليس دائماً على حق، خاصةً في مثل هذه المواقف.. ولكن يبدو أنّ النقود هي التي دائماً على حقّ!

لا بارك الله لكم لا في أعراسكم ولا في نقودكم!

مع إحياء أول عرس يُفترض أن أقول: ها قد ابتدأ موسم الأفراح، ولكن في ظلّ الظروف الحالية يبدو أن الذي ابتدأ للأسف هو موسم الكلاحة!

كيف سيديم الله الأفراح "حليفةً لدياركم العامرة" وأنتم تقيمونها على وقع خراب ديار إخوانكم؟!

الخراب ليس في الحديد والحجر، الخراب في النفوس؛ لهذا السبب أتراح غزّة أعراس، وأعراسكم جنازات ومآتم!