تفاصيل تكشف لأول مرة عن الدور الأميركي باستعادة أسرى الاحتلال من النصيرات


كشف تقرير لصحيفة /واشنطن بوست/ الأميركية، الجمعة، عن أنّ الولايات المتحدة أدت "دورا استخباريا حاسما في عملية استعادة الأسرى الإسرائيليين الأربعة من مخيم النصيرات"، وسط قطاع غزة الأسبوع الماضي.

وتضمنت المعلومات التي قدمتها واشنطن لـ"تل أبيب" وساهمت في معرفة مكان المحتجزين، وفقا للصحيفة، "صورا علوية، كانت ثانوية مقارنة بما جمعته إسرائيل بنفسها قبل العملية". والحديث هنا يدور حول جهد أميركي "غير عادي" في تحديد مكان المحتجزين وليس عملية الاستعادة بحد ذاتها، لأنّ التنفيذ لم ينطو على ما يمكن اعتباره جهدا دقيقا أو إنجازا بالمفهوم العسكري، إنما قام على تسلل قوة إسرائيلية بين السكان الجوعى والمشردين عبر شاحنة مساعدات إنسانية جنباً إلى جنب مع عملية إبادة لنطاق بشري من المدنيين الفلسطينيين (270 فلسطينياً، بحسب وزارة الصحة)، بواسطة الطيران وصولاً إلى "عملية إنقاذ ناجحة" تم تسويقها على أنها انتصار فريد.

وقالت الصحيفة، إنّ "وكالات الاستخبارات الأميركية قدمت قدراً غير عادي من الدعم لنظيراتها الإسرائيلية". وساهمت هذه المساعدة في العثور على المحتجزين بعد "عملية ضخمة لجمع المعلومات الاستخبارية".

ونقلت /واشنطن بوست/ عن عشرة مسؤولين سابقين وحاليين في الاستخبارات الأميركية و"الإسرائيلية" قولهم إنّ الولايات المتحدة كثفت منذ اندلاع الحرب على غزة "جمع المعلومات الاستخبارية عن حركة حماس في غزة، وشاركت كمية غير عادية من لقطات الطائرات بدون طيار، وصور الأقمار الصناعية، واعتراضات الاتصالات، وتحليل البيانات باستخدام برامج متقدمة، بعضها مدعوم ببرامج حاسوبية متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي".

وقال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة إنهم ممتنون للمساعدة الأميركية، "التي منحت الإسرائيليين في بعض الحالات قدرات فريدة كانوا يفتقرون إليها قبل هجمات حماس المفاجئة عبر الحدود"، لكنهم أصرّوا في الوقت ذاته على أنّ الولايات المتحدة، في معظم الأحيان، لا تمنحهم أي شيء لا يمكنهم الحصول عليه بأنفسهم، بحسب الصحيفة.

وحول خلفيات الدور الأميركي، ذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنه منذ تنفيذ حماس عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، "بدأ أفراد من قيادة العمليات الخاصة المشتركة للجيش الأميركي (JSOC) العمل جنباً إلى جنب مع ضباط وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في محطة الوكالة في إسرائيل". وقال أحد المسؤولين الأميركيين إنّ أفراداً من وكالة الاستخبارات الأميركية بدأوا الاجتماع مع نظرائهم في البلاد "بشكل يومي".

وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون حاليون وسابقون للصحيفة إنه في الأسابيع الأولى من الحرب طلب المسؤولون الإسرائيليون معلومات محددة من الولايات المتحدة للمساعدة في سدّ الفجوات في ما عرفوه من مصادرهم الخاصة بشأن مكان المحتجزين. وبحسب الصحيفة، "تضمن ذلك معلومات محددة، بالإضافة إلى تقنيات وخبرات لتحليل كميات كبيرة من الصور لإنشاء صور أكثر تفصيلاً، بما في ذلك صور ثلاثية الأبعاد للتضاريس في غزة".

ونقلت الصحيفة ذاتها عن أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين قولهم إنهم "قدموا لنا بعض القدرات التي لم تكن لدينا قبل السابع من أكتوبر"، فيما أشار مسؤول إسرائيلي كبير آخر إلى أن الولايات المتحدة قدمت صوراً فضائية مفصّلة للغاية تفتقر إليها إسرائيل.

ووفقاً للصحيفة، اعتمدت عملية استعادة المحتجزين الأربعة على معلومات دقيقة حول موقع الأسرى، مضيفة أنّ "هذا المستوى من المعلومات الاستخباراتية "القابلة للتنفيذ" هو شيء افتقرت إليه إسرائيل لسنوات في غزة، بسبب الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والفشل في بناء شبكة من الجواسيس البشر على الأرض".

وقال مسؤولون للصحيفة إنّ محللي الاستخبارات الإسرائيلية عثروا على معلومات استخباراتية مفيدة بين الخوادم وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الوثائق التي تم العثور عليها في "مخابئ حماس أو مراكز القيادة"، وأشاروا إلى أنّ المحللين الأميركيين ساعدوا في التنقيب في تلك المصادر عن أدلة حول مكان وجود المحتجزين. ونقلت الصحيفة عن أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين قوله إنّ "دمج المعلومات التي تم الحصول عليها من السجلات الإلكترونية والمادية مع مصادر استخباراتية أخرى ساعد إسرائيل في تحديد مكان المحتجزين خلال عمليتي الإنقاذ اللتين سبقتا العملية الأسبوع الماضي".

وبالإضافة إلى المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها الولايات المتحدة، كشفت الصحيفة عن أنّ قوة عمليات خاصة أميركية كانت مستعدة لدخول قطاع غزة في الأيام الأولى للحرب بهدف استعادة المحتجزين الأميركيين.

وقالت إنّ "أعضاء قيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC)، وهي قوة العمليات الخاصة النخبة التي تتمتع بخبرة عميقة في عمليات إنقاذ الرهائن وصلوا إلى إسرائيل في أيام الحرب الأولى"، ونقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ أعضاء المجموعة عملوا في إسرائيل بالشراكة مع ضباط الاستخبارات الأميركية، بعد وقت قصير من بدء الحرب.

وذكرت أنّ القوة كانت مستعدة للانتشار في غزة "لإنقاذ المواطنين الأميركيين" الذين تحتجزهم حماس، لكن لم يكن هناك سوى القليل جداً من المعلومات على وجه التحديد حول المحتجزين الأميركيين، بحسب مسؤول أميركي تحدث للصحيفة.

ورغم الدعم الاستخباري الأميركي الحاسم الذي أوصل إسرائيل للمحتجزين، قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون للصحيفة إنّ واشنطن كانت تقيّد المعلومات الاستخباراتية التي تقدّمها لإسرائيل في جهود تحديد مكان المحتجزين وتعقب قيادة حماس فقط، وأشاروا إلى أنّ واشنطن حظرت استخدام أي معلومات أميركية لاستهداف أعضاء حماس النظاميين في أي عمليات عسكرية، بما في ذلك الغارات الجوية.

ويفسر هذا التقييد بوجود انتقادات داخل الولايات المتحدة للسلوك الإسرائيلي، ومطالبات بمنع إسرائيل من استخدام معلومات أميركية تورط واشنطن في أعمال قصف وقتل للمدنيين، بحسب ما ورد في تقرير الصحيفة.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن النائب جيسون كرو (ديمقراطي من كولورادو)، عضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، تساؤله: "كيف يمكن لمسؤولي الإدارة التأكد من أن إسرائيل لا تستخدم المعلومات الاستخبارية التي تتلقاها كجزء من حملتها العسكرية ضد حماس، والتي أسفرت عن عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين؟".

وبحسب الصحيفة، شارك كرو، وهو من قدامى المحاربين في الجيش، في صياغة تشريع تمّ سنّه العام الماضي يلزم مدير الاستخبارات الوطنية بإخطار الكونغرس إذا أدت المعلومات الاستخبارية التي قدمتها الولايات المتحدة لدولة أخرى إلى سقوط ضحايا من المدنيين.

وقال كرو للصحيفة: "رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين) نتنياهو يتبع استراتيجية فاشلة في غزة. الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين، والمجاعة، والافتقار إلى استراتيجية متماسكة تثير قلقاً عميقاً. سأواصل إجراء رقابة قوية لضمان أن تبادل المعلومات الاستخبارية يتماشى مع المصالح الأميركية".

  • قدس برس