كفى مسخرة: الإعلانات المحلية وتجاهل القيم الثقافية!



في مجتمعنا اليوم، بات من الصعب تجاهل التأثير الهائل الذي تملكه الإعلانات على حياتنا اليومية. فهي ليست مجرد وسيلة لترويج المنتجات، بل أصبحت قوة مؤثرة تشكل آراءنا وقيمنا وحتى هويتنا الثقافية. ومع ذلك، يشهد مشهد الإعلانات المحلية تحولًا مقلقًا حيث تتزايد الإعلانات التي تستهزئ بالقيم الثقافية والمجتمعية، مما يثير تساؤلات حول الاتجاه الذي نسير فيه.

عندما نشاهد إعلانًا محليًا يروج لنمط حياة لا يتماشى مع تقاليدنا وعاداتنا، نشعر بأن هناك انفصامًا بين ما نشاهده وما نؤمن به. كيف يمكن لإعلانات تنتج داخل مجتمعنا أن تتجاهل قيمنا بهذا الشكل الفاضح؟ هل أصبح الربح المالي هو الدافع الوحيد، حتى لو كان على حساب احترامنا لثقافتنا؟

الإعلانات التي تروج لأنماط لباس غريبة وغير مألوفة، أو تلك التي تظهر طرق أكل متوحشة وغير لائقة، لا تعكس فقط عدم احترام القيم المجتمعية، بل تساهم أيضًا في تآكل الهوية الثقافية. فما هو الهدف من إعلان يعرض مشاهد تخالف تقاليدنا ويشجع على سلوكيات لا تتماشى مع ما تربينا عليه؟ هذا النوع من الإعلانات لا يساهم إلا في تعزيز الفجوة بين الأجيال، حيث يشعر الأكبر سنًا بالغربة عن ما يراه في وسائل الإعلام، بينما قد يتأثر الشباب بشكل سلبي بتلك الرسائل المشوشة.

ما يزيد الطين بلة هو نقص الرقابة على هذه الإعلانات. أين هي الجهات المسؤولة عن حماية ثقافتنا من هذا التعدي الصارخ؟ وكيف يمكن السماح لهذا الاستهزاء بأن يستمر دون أي مساءلة أو محاسبة؟ إن ضعف الرقابة والافتقار إلى التنظيم الصارم يفتح الباب أمام المزيد من الإعلانات التي تتجاوز حدود المعقول، مما يترك مجتمعنا عرضة لتأثيرات سلبية لا تُحصى.

يجب أن نتساءل: هل نحن في حاجة فعلًا إلى هذا النوع من الإعلانات؟ هل لا يوجد سبيل للترويج للمنتجات والخدمات بطرق تحترم القيم المجتمعية وتعتز بالهوية الثقافية؟ بالطبع هناك طرق بديلة. يمكن للإعلانات أن تكون قوة إيجابية، تروج للمنتجات وفي نفس الوقت تعزز القيم الثقافية وتدعم الهوية المجتمعية. فالمعلنون الذين يقدرون قيم مجتمعاتهم هم من يستحقون الدعم والتشجيع، وليس أولئك الذين يسعون فقط لتحقيق الأرباح على حساب الكرامة الثقافية.

في نهاية المطاف، يجب أن يكون هناك موقف واضح وحازم ضد الإعلانات التي تستهزئ بالقيم المجتمعية. يجب أن نرفع صوتنا ونقول: كفى استهزاء. نحن نستحق إعلانات تحترمنا وتعزز هويتنا، لا تلك التي تتجاهل وتدمر ما نحمله من قيم وتقاليد. حان الوقت لنقف معًا كأفراد ومجتمع ضد هذا الاتجاه السلبي، ونعمل على بناء بيئة إعلانية تحترم ثقافتنا وتساهم في تعزيزها، لا في تدميرها.


* الكاتب أستاذ التسويق الدولي، ورئيس جامعة آل البيت سابقا