بين فضل الحال والمكان
ربما يبدو العنوان غريبا ، و لتبسيطه؛ في الاسلام هناك فضل للمكان كحال الحرمين والاقصى، وحال المسجد على سواه عموما، وهناك فضل للزمان؛ كرمضان على غيره من الشهور ، وليلة القدر على سواها من الليالي، ويوم عرفه على غيره من الايام. وهناك فضل للحال المتعلقة بالشخص ذاته او بمجموعة من الناس، كحال المجاهد على القاعد، وحال المرابط على اللاهي، وحال الصائم المصلي على ممارس توافه الامور.
يظن غالبية من الناس ان حال المكان هو المقدم على غيره، لذلك تراهم يتقصدون الحج والعمرة ( من غير الفريضة) وينفقون الاموال في سبيلها، ظنا منهم ان هذا العمل بهذا المكان هو الطريق الاقرب لرحمة الله ورضوانه. ومثلهم كثير في فضائل أعمال مرجوحة نسبيا وليست راجحة.
ان " فضل الحال" هو الاول والقيام به أولى، فالعبادات التي يتعدى نفعها للاخرين ذات أجر اعظم، وكلما توسعت دائرة النفع كانت اولى. جاءت الايات القرانية توضح ذلك، فخيرية هذه الامة على غيرها من الامم بهذا النوع من الطاعات، كما جاء في قوله تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) وقوله كذلك ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) يوضحان عظم حال الدعوة لله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وياتي الجهاد كافضل حال يمكن للمسلم ان يقوم به. وسجل الله ذلك في كتابه العزيز بقوله ( وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)،
واشار في آية اخرى فقال : ( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ).
وأجر الرباط عظيم ويلي أجر الجهاد، جاء في الحديث الشريف (رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيرٌ مِنْ صِيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وَإنْ ماتَ فيهِ جَرَى عَلَيْهِ عمَلُهُ الَّذي كَانَ يَعْمَلُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزقُهُ، وأمِنَ الفَتَّانَ). وللقيام على المجاهد والمرابط اجر عظيم ايضا، جاء في الحديث الشريف (مَنْ جهَّزَ غَازِيًا في سبيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، ومنْ خَلَفَ غَازيًا في أَهْلِهِ بخَيْر فَقَدْ غزَا).
ان حال اهل غزة بين مجاهد ومرابط حال عظيم، وبرغم عظم الألم وضخامة التضحيات، الا ان حالهم عند الله لربما افضل من حال الكثير الكثير من امثالنا، وافضل حالاً من اولئك الذين يظنون ان حال المكان وحده، على عظم فضله. نصيحة وذكرى نقدمها للجميع في دعم صمود أهل غزة وجهادهم بكل ما استطاعوا من دعم، ( وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين).