قصة قصيرة ـ الميزان



مع أنّ كلمة الله قد سبقت "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، "وأنّ ليس للإنسان إلّا ما سعى"، "وكلّهم آتيه يوم القيامة فرداً".. إلّا أنّ مشيئته عزّ وجلّ قد أجازتْ لزعماء العرب والمسلمين طلبهم يوم الحشر بأن يحاسبوا حساب رجل واحد.

حجّتهم كانت وقحة لكن وجيهة:

ـ كما كنّا في الدنيا نفجر فجور رجل واحد، ونفسد فساد رجل واحد، ونتخاذل تخاذل رجل واحد.. فالإنصاف أن نحاسب حساب رجل واحد!

الزعماء العرب والمسلمون الذين أمضوا حياتهم مفتونين بدهائهم السياسي وحنكتهم الدبلوماسية كانوا يأملون من وراء مناورتهم هذه التنصّل من المسؤولية، وتفريق دمها بين القبائل، والنجاة، والظفر بنعيم الآخرة كما حازوا من قبل نعيم الدنيا واحتكروه لأنفسهم وحبسوه عن شعوبهم!

الله عزّ وجلّ، ومن قبيل "ويمدّهم في طغيانهم يعمهون"، أجاز للزعماء العرب والمسلمين أيضاً احتساب ساعات نومهم حسنات عملاً بحديث "نوم الظالم عبادة" على ضعفه!

وهكذا أخذ الزعماء العرب والمسلمون يستحثّون الملائكة وهم يراكمون كلّ لفتةٍ أو سكنةٍ خيّرةٍ سبق وأن صدرتْ عن كلّ زعيم منهم في حياته، منذ نعومة أظفاره وحتى مماته، وكلّ إغماضة جفن وغفلة عين.

وبعد أن أنهى الملائكة مهمتهم، وأقرّ الزعماء أنّ جميع حسناتهم، الصريحة منها والضمنية، قد وُضعت في كفّة الميزان، وظنّ غالبيتهم أنّهم ناجون وقد غرّهم "ناتجهم القومي الإجمالي" من الحسنات، تمّ الإتيان بنظرة "بدر دحلان"، ووضعتْ في الكفّة الثانية، فرجحت كفّة "بدر"!