إفتح النافذة، وأغلق السطوح!



دائمًا ما تجد خصوصية بالغة لسطوح أي عمارة أو مسكن! هناك مفتاح أوحد غالبا ويكون بعهدة صاحب السكن أو الحارس الأمين طبعا، السبب وراء هذا هو مقدرتك اكتشاف المشهد كاملا لحارتك وجيرانك من ذلك الارتفاع بسهولة وهو الأمر الخطير بكل تاكيد والذي لا ينبغي لاحد الاطلاع عليه كاملا وكشف المستور!

إذا ما دققت قليلا، ستجد انك تسمع مصطلح ( نافذه إعلامية) يطلق على القنوات الإخبارية المختلفة، ولن تجد من يصفها بالأسطح الإعلامية مؤكداً، حيث ان لكل منها أجندة خاصة ونافذة تفتح على مشهد وحيد تريد لك ان تراه وحسب، فلا تظن يوما انك شاهدت او اطّلعت على حقيقة ما يجري على الارض من احداث بشكل وافي او كامل!

كنت دائما اقول لاصدقائي ان الاعلام الحر والنزيه هو مجرد اسطورة وخرافة، ولن تكون هناك قناة اخبارية او اعلامية نزيهة غير منحازة إلا إذا قرر أحدهم يوما أن يفتح قناة عن روح أبيه بحيث تكون صدقة تصب فى ميزان حسناته، فلن يتبعها لطرف او يوظفها فى خدمة أجندة محددة!

ماذا لو عرفت ان هيئة الاذاعة البريطانية تبث بما يقارب الأربعين لغة حولة العالم، سواءا إذاعة او تلفزيون وتخصص ميزانية لها كل سنة تعد بمليارات الجنيهات الاسترلينية من حكومة بريطانيا وهذا كله بدون ان تقدم مادة إعلانية او ما شابه بحيث تحقق بعض الأرباح على الاقل! وقس على هذا قنوات ومحطات اخرى نعرفها جميعنا.

إذا كانت غزة وما يجري فيها من احداث دامية تتصدر عرش الاخبار اليومية فى كل ساعة، فإنك ستجد نوافذ خاصة تطل عليها واعلام يصف المشهد من نافذته وحسب! قناة معينة شغلها الشاغل بث مسيرات القدس وتل ابيب الداعية للإفراج عن الاسرى والمناهضة لنتنياهو والمطالبة باستقالته وحل حكومته وكان الكيان الصهيوني لا يوجد فيه من يؤيد هذه الدموية والوحشية بحق الأبرياء من اهلنا فى غزة! بعض القنوات تقدم اهل غزة على انهم مستعدون للفناء والتضحية لآخر طفل فى سبيل حماس والمقاومة وانهم سعداء بذلك، وأخرى تعرض لقاءات يشكون فيها حالهم وضنك عيشهم ويدعون لوقف الحرب وما يحدث بحقهم يوميا من جرائم ومجازر يندى لها الجبين!

أنا لا اشكك ببطولة اهلنا فى غزة وفلسطين عموما ، وانما احاول ان أضرب بعض الأمثلة الإعلامية التي تسرق أعينك وتصوبها نحو نافذتها وحسب ولا تريد لك الصعود على السطح والمشاهدة من اعلى بشكل كامل ووافي!

الإعلام وتأثيره فى العقدين الأخيرين، أصبح تاثيره عظيما وذو اثر بالغ على ساحة الاحداث العالمية ومجرياتها، الدولة التي لا تملك اعلاما مؤثرا ، لن تصنف فى مصاف الدول المهمة او المتحكمة صاحبة المشاريع الأقليمية الباحثة عن بسط نفوذها هنا وهناك!

سيظل السطوح محرماً ومقصورا على فئة محددة، تشاهد وتعلم حقيقة ما يحدث ، لكنها مصرة على ان تبقيك خلف نافذتها وحسب!
دمتم