مختصون تربويون يؤكدون على ضرورة بلورة رؤية وطنية لحماية المناهج من حملات ممنهجة تستهدف سلخها عن قيم الإسلام والوطنية
أكد المتحدثون في الحلقة النقاشية التي أقامتها الحملة الوطنية لحماية المناهج حول "المناهج الأردنية وما جرى عليها من تغييرات" على ضرورة أن تكون هناك جهود مؤسسية للخروج برؤية تطويرية للمناهج تعزز القيم الوطنية والإسلامية وتتماشى مع تطورات العصر، في مواجهة ما تتعرض له المناهج من حملات ممنهجة لسلخها عن قيم الإسلام والمجتمع والروح الوطنية وهوية الدولة بدعم من مؤسسات دولية تتخذ من المنح أداة للضغط وتمرير مخططاتها.
وأشارت الخبيرة التربوية هدى العتوم الى الدراسة التي أصدرتها الحملة الوطنية للدفاع عن المناهج والتي تتعلق بالمناهج الأردنية من عام 2016 الى 2023 وما جرى عليها من تغييرات وأن هذه الدراسات صدرت في ست مجلدات بواقع 2600 صفحة تتعلق بمواد التربية الاسلامية واللغة العربية والدراسات الاجتماعية ومراجعة كتب وزارة التربية والتعليم منذ عام ٢٠١٦ و٢٠١٧ والتي كانت نتيجتها إعادة 40٪ مما تم حذفه من المناهج الدراسية، والحملة ضد مناهج كولينز عام 2019 وتم على إثرها تغيير شروط الاتفاقية بحيث تم مشاركة مؤلفين أردنيين وإضفاء بعض الصبغة الوطنية والدينية عليها، وما تلا ذلك من مرحلة المركز الوطني المناهج بإصدار الأطر العامة للمناهج فيما صدرت كتب العلوم والرياضيات والتربية الإسلامية قبل صدور هذه الأطر بما يخالف القانون اضافة إلى أن المركز الوطني ذاته يخالف قانون وزارة التربية والتعليم.
وأكدت العتوم أن التغيير على المناهج مر بمنهجية منذ عام ٢٠١٤ وابتدأ بالحذف الكمي بما وصل لحذف ثلثي بعض الكتب ومن ثم مرحلة الحذف الموضوعي وتغيير الصورة والكلمة والجملة والآية والحديث وبعض الدروس، واستهداف البعد الديني والوطني والقيمي ومن ذلك أن كتب التربية الوطنية تفتقر للبعد الوطني بعد أن كانت المناهج سابقاً تغرس في الطالب بعداً عميقا فيما أصبح الآن بالكاد أن يكون قشرة وصورة، مشيرة إلى أن التغييرات على المناهج هي نتيجة تدخلات واسعة لا سيما من قبل الدول المانحة التي تتحدث صراحة عن مراقبة المناهج في الدول العربية والإسلامية وعن أنها تتغير بالمستوى المطلوب وأنها تغيرت إلى قبول الآخر والتسامح والتعامل مع العدو وعدم معاداة السامية وعدم التعصب، بحيث بات الحديث عن المناهج أحد أبرز المحاور في أي لقاء لممثلي دول غربية مع مسؤولين أردنيين .
فيما أكد الخبير التربوي الدكتور صالح نصيرات أن التغيير في المناهج هو ظاهرة عالمية لتنسجم مع مفاهيم الرأسمالية المتوحشة وتعزيز مفهوم الإنسان الاقتصادي كنوع من الإنسان الجديد الذي يرتهن سلوكه بالاقتصاد وأن القيم الفردية تخضع لأخلاق السوق فقط وليس لقيم المجتمع وهوية الدولة والجوانب الإنسانية ويقضي عل الهويات الوطنية لصالح العولمة، مشيراً إلى أن المجتمعات تحرص على أن تحمل المناهج المضامين المهمة في بناء شخصية المتعلمين في المستويات النفسية والعقلية والمعرفية كما أنها تسهم في تشكيل هوية المتعلم وأنها ليست مجرد معلومات أو مفاهيم أو مهارات هدفها تحقيق غايات المتعلم الفرديه لذلك تبنى المناهج على وتصمم على أساس فلسفة واضحة تتفق مع هوية الدولة بحيث يتم مراجعتها لحذف ما هو سلبي منها وتعزيز الإيجابي منها التي يرى التربويون أنها ستسهم في تقدم المجتمع والمجتمع العربي العربيه والمسلم بغض النظر عن عنوانه الوطني وأن هذه المراجعات تتم دون الإخلال بقيم المناهج الأخلاقية والثقافية.
وأشار نصيرات إلى أن المناهج في الأردن كانت مصدراً لدول عربيه كثيرة استفادت من تلك المناهج وبنت تعليمها على أساسه وظهرت خلال عقدين من الزمن الآثار الإيجابية على الفرد والمواطن والوطن فاصبحت الاردن في رأس الدول العربية للتعليم المدرسي والجامعي، معتبراً أن ذلك دفع فئات ممن وصفهم بـ"الأعداء الذين لهم تأثير مادي ومعنوي ويرون في التعليم بشكل خاص الرافعة الرئيسة للمجتمع" إلى خطة للترويج بأن هذه المناهج عتيقه وتخرج مواطنين أردنيين متشددين دينياً ومعادين للتقدم في قضية التعليم والعولمة.
كما أكد أن هدف هذه المخططات تدمير التعليم العام وخصخصته ورهن التعليم في دول العالم الثالث بيد البنك الدولي الذي يشترط على الدول المقترضة خفض ميزانيات التعليم، لافتاً إلى أن الأردن من أدنى الدول في الإنفاق على التعليم بنسبة 3% فقط، وأيضا خفض رواتب المعلمين، كما أكد على ضرورة أن تكون هناك ثورة للمناهج تعزز القيم التربوية النبيلة إسلامياً وإنسانياً وتغرس في المواطن قيم الإنتماء والولاء للثقافة العربية والإسلامية، معتبراً أن المطلوب الآن الخروج برؤية تطويرية للمناهج تتماشى مع روح العصر وتستند لقيم الإسلام والعروبة وأن ذلك لن يتم تحقيقه إلا من خلال مؤسسات وليس العمل الفردي.
وأضاف النصيرات "لعل وجود فئة من المسؤولين عن التعليم يتماهون مع الثقافات الغازية يسعون لتنفيذ هذه المخططات التي تستهدف المناهج فاتجهت الى التاريخ الإسلامي والأردني فأخرجت منه كل ما يعزز الهوية متخذة من عبارات تتضمن مفاهيم تغريبية كالحرية بمفهومها الغربي واحترام الآخر والتفكير الناقد لتبرير ما يسمونه التطوير والانفتاح على الثقافات الأخرى وصولاً لإدخال العدو الصهيوني ودمجه في المنطقة العربية وإنهاء حاله العداء مع محتل غاصب والقبول به كجار تحول إلى صديق وحليف".
فيما ثمن الخبير التربوي الأستاذ أحمد أبو تقي الدين الجهد الكبير الذي قام به من أعد الدراسة المتعلقة بالمناهج والتي تمس كل مواطن، مشيراً إلى أن 90 ٪ من الأردنيين لا يثقون بالمناهج الحديثة بحسب بعض الدراسات، كما أكد أن الهدف هو تغيير المناهج التي أظهرت جيلاً من المجاهدين، و أن هذه الدراسة تمثل إنجازاً وطنياً فريداً على مستوى المنطقة رغم كونها جاءت بجهود أفراد وليس عبر مؤسسات رسمية.
وأشار تقي الدين إلى أن ما تم حذفه من الآيات في مناهج التربية الإسلامية بلغ 2817 آية في حين تم إضافة 16 آية فقط مما يؤكد على هدف هذه التعديلات التي تستهدف القرآن الكريم الذي هو دستور الأمة وتستهدف قيم المجتمع الإسلامية والوطنية.