بالرسم.. الأردني ماهر الشعيبي ينشّئ الأطفال على حب فلسطين
- الأطفال يركزون على الأحداث في غزة ويتضامون مع أهل القطاع ويعتبرون المسجد الأقصى رمزية لفلسطين
- من بين أهدافي الرئيسية تشجيع الأطفال على تعلم الفن ولا أتقاضى أي مقابل مادي لذلك، ففلسطين أكبر وأهم من كل شيء
- كل طفل يأخذ لوحته معه وبعضهم شارك في معارض فنية، ومنهم من باع لوحاته بخميسن دينارا (70 دولار) وما فوق للوحة الواحدة
يُقال فيها إنها خُلقت للسلام وما رأته يوما، وليست وطنا وإنما عقيدة. هي فلسطين التي تئن للشهر التاسع تحت حرب إسرائيلية مدمرة، ضمن مأساة مستمرة تحت الاحتلال منذ عقود.
مآسي الشعب الفلسطيني ألهمت الكثيرين، وبينهم الرسام الأردني ماهر الشعيبي، بأفكار عديدة للمساعدة في التمسك بالأمل والحقوق الفلسطينية العادلة والمشروعة.
الشعيبي (57 عاما) تلقى تعليمه الجامعي في فنون الرسم بباكستان عام 1982، وأنشأ بالعاصمة الأردنية عمان أول مرسم بالمملكة لتعليم الأطفال فنون الرسم.
ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يركز الشعيبي على كيفية استخدام الرسم للتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية.
وخلفت حرب إسرائيل، بدعم أمريكي، على غزة نحو 124 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
* بناء شخصية الأطفال
الشعيبي يستخدم مهارته لـ"إحياء القضية الفلسطينية" في قلوب الصغار والكبار، ويسعى إلى أن يبني بالفن شخصية الأطفال ويعزز ثقتهم بأنفسهم، ما ينعكس إيجابا على ذويهم ومجتمعاتهم.
مراسل الأناضول التقاه في مرسمه، حيث تحدث عن أهداف يسعى إلى تحقيقها بالفرشاة والألوان، ليبعث من خلالها رسالة إلى العالم مضمونها أن "فلسطين باقية في القلب".
وقال الشعيبي: "درست الفنون في باكستان عام 1982، وعدت إلى الأردن بعد أن أنهيت درجة الماجستير بتخصص الاتصال من خلال الفن".
وتابع: "عام 2005 ومن خلال عملي شعرت أن هناك نقصا في بناء الشخصية للأطفال، وأن مادة الفن بالمدارس هي طرد عذر (لا تحظى باهتمام حقيقي)، فقررت إنشاء المرسم الذي نحن فيه".
الشعيبي أوضح أن التعليم في المرسم متنوع: "أعلم الأطفال إلى جانب الرسم، الأشغال اليدوية والموسيقى وتصميم الجرافيك".
وأردف: "لدي حاليا العشرات من الأطفال تبدأ أعمارهم من عامين ونصف العام وصاعدا، وهي الفئة التي نستهدفها".
* مآسي غزة
وحول المواضيع التي يركزون عليها، قال الشعيبي: "جميع المواضيع، ولكنها تعتمد على ميول الطفل ورغبته، فالرسم وسيلة للتعبير عما يجول في خاطره، ويسعى من خلاله الطفل أن يوصل رسالته".
وأضاف: "ما يحدث في قطاع غزة نحاول أن نعطيه فنيا للأطفال بطريقة غير مباشرة؛ كي لا ينعكس أثر مناظر المآسي عليهم بشكل سلبي".
واستدرك: "لكنني بطبيعة الحال أحاول أن أسمع من الطفل أكثر مما أعطيه، حتى تُبنى شخصيته كما هي، سرياليا أو انطباعيا أو واقعيا أو تجريديا وغير ذلك؛ حتى لا أفرض عليه ما لدي".
واستطرد: "أحاول أن أُخرج ما في داخله، ولكن بطريقته وليس عبر التلقين".
* رمزية الأقصى
الشعيبي قال إن "الأطفال يركزون في موضوعاتهم على الأحداث في غزة، ولكنهم يعتبرون أن المسجد الأقصى (بالقدس الشرقية المحتلة) رمزية لفلسطين".
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.
وتابع الشعيبي: "يجب على الطفل أن يتذوق طعم الشيء حتى يحبه، والفن كذلك، فالموهبة بالنسبة لي محبّة".
وأردف: "دائما ما أحاول أن أعطي الأطفال ملفا ليختاروا منه ما يشاؤون الرسم فيه، وهم حاليا دائما ما يختارون غزة من تلقاء أنفسهم".
وزاد بأن الأطفال "يختارون عن غزة ما يشعرون به ببساطة، ولكن بعضهم يختار القضايا الأكثر والأشد ألما وتأثيرا".
وللعام الـ18، تحاصر إسرائيل قطاع غزة، وأجبرت حربها نحو مليونين من سكانه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد في الغذاء والماء والدواء.
* بلا مقابل
"هدفي مع هؤلاء الأطفال هو إحياء القضية الفلسطينية في نفوسهم"، يقول الشعيبي.
وتابع: "أحاول تجاوز المواقف القاسية في غزة، ولكنني أتفاجأ بأنهم يعبرون بأسلوب يؤكد تضامنهم مع القطاع وأهله والاطلاع على أدق التفاصيل".
وتواصل إسرائيل حربها على غزة متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.
وأضاف الشعيبي: "من بين أهدافي الرئيسية تشجيع الأطفال على تعلم الفن، ولا أتقاضى أي مقابل مادي لذلك، ففلسطين أكبر وأهم من كل شيء".
وعن مصير لوحات الأطفال، قال الشعيبي: "كل طفل يأخذ لوحته معه، وبعضهم شارك بلوحاته في معارض فنية، ومنهم من باع لوحاته بخميسن دينارا (70 دولار) وما فوق للوحة الواحدة".