جبائي لا تنظيمي يمهد لقرارات قادمة
بات جليا أن الحكومة تتمترس في خندق بمعزل عن آمال وتطلعات المواطنين، بعد أن قطعت الشك باليقين عبر قرار هيئة الطاقة الأخير المتعلق بتطبيق التعريفة الكهربائية وفق أوقات الاستهلاك، بما يعزز رأي وموقف الشارع بمشاكسة المواطنين، بدلا من العمل على رعاية شؤونهم، واستلت سيفها من غمده وأشهرته في وجه العباد.
قد يرى البعض أن هناك افراط في القول أو الوصف، وغني عن البيان أن ما تتفتق عنه فهلوات بعض المسؤولين في الحكومة من قرارات تعسفية بحق الشعب ساطعة كشمس تموز لا جدال فيها، وعلى الرغم من شكوى وتذمر المواطن الدائم من المغالاة في رفع الأسعار وازدياد مظاهر الفقر والبطالة التي تتسع رقعتها، إلا أن الحكومة لا زالت تسير وفق سيناريوهات معدة خاصة بها، بعيدا عن نبض الشارع، الذي ضاقت به الحال وتقطعت به السبل، إثر موجات الغلاء التي لا تفرق بين قوي مقتدر وضعيف منكسر.
تقول هيئة تنظيم قطاع الطاقة أنها اتخذت قرارا يقضي بتطبيق التعرفة الكهربائية على قطاعات الصناعي الكبير والصناعي الاستخراجي والصناعي المتوسط والاتصالات وشحن المركبات، ونوهت إلى أن التعرفة ستوزع على فترات ثلاث هي وقت الذروة والذروة الجزئية وخارج الذروة، حددت بموجبها ساعات معينة لوقت كل منها، ولم تكتف الهيئة بهذه الترهات، بل تجاوزتها لتبشر مالكي المركبات الكهربائية أن سهام التسعيرة الجديدة ستوجه نحو عدادات شواحن مركباتهم المنزلية.
من المعروف أن القطاع الصناعي يعد المحرك الأول للاقتصاد وأحد أبرز الكائز الأساسية في دفع عجلة النمو، إلى جانب ما يلعبه هذا القطاع في جذب الاستثمارات وتشغيل الأيدي العاملة للحد من البطالة، التي أصبحت همّ المواطن الأول وبخاصة معشر الشباب الذي يشكل الفئة الأبرز من مجاميع الشعب الأردني، وقرار الهيئة الخارج من مطبخ الحكومة، لا يتطابق مع ما تنادي به بضرورة تحسين الاقتصاد، ورفع مستوى معيشة المواطن وزيادة الإنتاجية، وما دامت الهيئة تدعي أن القرار لم يرفع من أسعار كلف استهلاك الكهرباء فما هو المبرر من اتخاذه؟! وهل من المناسب أن تلوح الهيئة بأن هناك دولا ينقطع فيها التيار من ساعة الى ثلاث ساعات لتضع المواطن أمام خيارين أحلاهما مر؟!
قرار الهيئة في فرض التسعيرة الجديدة يصب في خانة الجباية لا التنظيم، ويفتح الباب على مصراعيه لتحليل مبررات القرار كل وفق قراءته كأن يكون من بينها تعويض النقص المتأتي من إيراد المحروقات، وميل الكفة منذ فترة ليست بالقصيرة لصالح المركبات الكهربائية، وهذا ما أكدنا عليه في مقال سابق بأن الحكومة ستفاجئ مستخدمي هذه المركبات بفرض تسعيرة جديدة على نقاط الشحن المنزلي، بالإضافة إلى أن هذا القرار سيشكل نقطة انطلاق في ماراثون السباق نحو جيب المواطن للانقضاض على قطاعات جديدة، بعد اخضاع القرار الحالي لدراسات تقييمية ومرور فترة من تاريخ التطبيق على القطاعات التي شملها القرار، فالأيام الجميلة على عهدة الحكومة لم تأت بعد.