هارتس العبرية تشيد بمقال رئيس تحرير العربي الجديد معن البياري



هآرتس -   تسفي برئيل - تعرضت المبادرة الفلسطينية لتنشيط منظمة التحرير الفلسطينية الانتقادات شديدة من قبل السلطة الفلسطينية. وتلعب هذه الصراعات الداخلية دورا˝ في خطط إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة، وتشديد قبضتها على الضفة الغربية، والتسبب في انهيار الهيئة التمثيلية الوحيدة للفلسطينيين.

"هل يُسمح لنا بانتقاد حماس؟" كان هذا عنوان مقال للصحفي الاردني المخضرم معن البياري ظهر على موقع العربي الجديد (العربي الجديد) أجاب: "إنه سؤال تافه، بالطبع مسموح لنا ذلك."

لكن هذه اإلاجابة لم تكن بأي حال من الاحوال بديهية خلال الاشهر الطويلة من حرب غزة، *وخاصة على صفحات صحيفة العربي الجديد المملوكة لقطر، والتي رئيس تحريرها هو أي ˝ كاتب المقال.

البياري، صحفي  فاز بالعديد من الجوائز ومقرب من حاكم قطر، كتب  العديد من المقالات التي وردت في وسائل  اعلام إسرائيلية ودولية، خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات حول صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس*.
 
وعندما يذكر انتقاد حماس، فإن البياري  لا يمثل الرياح المتقلبة في القيادة القطرية فحسب، بل يمثل  آراء اوساط فلسطينية وعربية  تكافح من أجل التعبير عن  مشاعرها الحقيقية بشأن الحرب التي بدأتها الحركة في قطاع غزة وإسرائيل. ومنذ ذلك الحين جر المنطقة بأكملها إليها*.

وأشاد البياري بحركة حماس ومقاتليها على شجاعتهم وطريقة إدارتهم للحرب ضد العدو الاسرائيلي. لكنه، في الوقت نفسه، يضع إصبعه على القضية الاساسية التي تزعجه والتي أصبحت محور نقاشات ساخنة بين السياسيين والناشطين الفلسطينيين.

وكتب: "مهما كان هذا التقدير المبرر لبطولة مقاتلي حماس عظيما، ومهما كانت دهشتنا كبيرة من قدراتهم في ساحة المعركة، فلا ينبغي لنا أن نتجاهل حقيقة واحدة جوهرها هو أن حماس ليست سوى حركة مقاومة*."

وتابع: "لقد أضرت قدرات [حماس] الكبيرة بالعدو وأحرجته، لكنها لا تستطيع منعه من قصف سوق في مخيم النصيرات للاجئين أو مهاجمة مخيم جباليا للاجئين أو تدمير مستشفى الشفاء.

"يمكننا أن نقول - خاصة بعد الضغوط الرهيبة التي يعاني منها سكان غزة، الذين يعانون من الكوارث منذ ثمانية أشهر - أن الوقت قد حان لاعادة النظر في خياراتنا والانتقال من مرحلة القرارات الصبورة المحسوبة في وقف إطلاق النار." - المحادثات النارية-، إلى مرحلة النظرة الواسعة للخيارات والنتائج، مع فهم أوسع للسياسات والاساليب، ودراسة متعمقة للواقع.


البياري تابع حديثه قائلا:˝ "باختصار، يجب أن يُسمح لنا جميعا˝ بانتقاد كل ما تقوم به حماس من منطلق الاحساس العالي  بالمسؤولية، ومراعاة التبعات الوطنية والاخلاقية  والسياسية ."
 
*ويقدم البياري نفسه على أنه مناصر حقيقي لحماس، ومن هنا فإن ما يكتبه له أهمية كبيرة. تشخيصه الفريد هو وصف حماس بأنها ليست أكثر من مجرد "حركة مقاومة." وبعبارة أخرى، فهو يقول إنه بالاضافة إلى قوتها وقدراتها العسكرية، فإنها تفتقر إلى أي رؤية سياسية عقلانية وواقعية للشعب الفلسطيني*.


رفضت إسرائيل والولايات المتحدة أي سيناريو يكون لحماس فيه دور في إدارة قطاع غزة، لكن في الوقت نفسه، ليس لديهما بديل فلسطيني أو عربي يرغب في تحمل عبء الحكم اليومي للقطاع. وهذا الموقف، رغم أنه ليس مفاجئا˝ للقيادة الفلسطينية، إلا أنه لم يمنع الصراع السياسي من أن يجري داخل الساحة السياسية الفلسطينية حول هيئة تمثيلية محتملة.

إن قضية حماس، ليس كحركة مقاومة مسلحة، بل كشريك في تشكيل القيادة السياسية الجديدة للفلسطينيين، تقف في قلب نقاش ساخن وصراع على السلطة بين الشخصيات العامة الفلسطينية في الضفة الغربية وفي جميع أنحاء العالم. وكذلك بين الموالين القدامى لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس .

هذه المناقشة ليست جديدة، ولكنها وصلت إلى ذروتها بعد أن وصف الرئيس األامريكي جو بايدن "السلطة الفلسطينية المعاد تنشيطها" بأنها شريك جدير في إدارة غزة، بشرط أن تخضع لاصلاحات هيكلية وسياسية وقانونية.

من جانبه، اعتبر عباس المبادرة لاميركية تحديا˝ لقيادته. ولكن على الرغم من إعرابه عن استعداده لتنفيذ الاصلاحات ، فإنه لا يزال يعارض بشدة أي تغيير في هيكل منظمة التحرير الفلسطينية – الهيئة التمثيلية الرسمية للشعب الفلسطيني، والهيئة التي وقعت اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل التي تم تحت رعايتها إنشاء السلطة الفلسطينية.

وقد استقر عباس حتى الان على تعيين رئيس وزراء جديد، هو محمد مصطفى، الذي لم يُظهر بعد قدرته على توجيه الحكومة الفلسطينية أو إنشاء آليات يمكن اعتبارها بمثابة تنشيط للسلطة الفلسطينية.
 
وقد  بذل عباس جهودا كبيرة لمقاومة واحتواء أي إصلاح  من جانب مجموعة من الناشطين والزعماء الفلسطينيين، الذين يُعرفون باسم "جيل الشباب"، رغم أنهم لم يعودوا صغارا˝ بشكل خاص. ففي فبراير/شباط، أطلقت المجموعة مبادرة تهدف إلى الاعداد لمؤتمر وطني فلسطيني سيكون بمثابة هيئة تمثيلية عليا لاجراء الاصلاحات اللازمة  في منظمة التحرير الفلسطينية، والتي اكتسبت زخما منذ ذلك الحين.

وجاء في موقع المنظمين أن "هذه مهمة مصيرية وعاجلة، لان إسرائيل وحلفائها يستعدون لفرض ترتيبات أمنية وإدارية تضمن الاشراف الاسرائيلي على قطاع غزة المنفصل عن الضفة الغربية، ويعتمدون على الفلسطينيين والتعاون العربي لتنفيذها. والسبيل لمحاربة هذه الخطة  هو بوجود قيادة فلسطينية موحدة.

ويتضمن الموقع  دعوة لكل من يدعم المبادرة الانضمام إليها. وبحسب المنظمين، فإن أكثر من 1200 فلسطيني، في فلسطين وحول العالم، قاموا بذلك بالفعل. وفي بداية الشهر انعقد المؤتمر المحلي  الاول  في رام الله، واندلعت معه «حرب شاملة.»

"على خلفية الهجوم الذي كان يهدف إلى القضاء على المشكلة الفلسطينية والحكم السياسي الفلسطيني، خرجت مجموعات مدعومة وممولة من أطراف إقليمية، تحت عناوين وطنية، في محاولة يائسة لتجميع أطر [سياسية] موازية كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية المنتخبة"، هذا ما قالته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية عن المؤتمر.

وأضافوا أنهم "يدينون هذه المحاولات التخريبية ومن يقف خلفها ويمولها. وستحبط منظمة التحرير ومؤسساتها أي محاولة للمساس بوحدتها وحقها الحصري في التمثيل."
 
  عبر  قادة المبادرة وعبر تطبيق زووم انهم لم ينزعجوا من هذه التصريحات وعقدوا اجتماعا يوم الجمعة قالوا فيه  : إنهم لا يخططون للاطاحة بمنظمة التحرير الفلسطينية أو إنشاء بديل لها، بل إحياء منظمة متحجرة غير قادرة على تقديم بديل حكم مناسب والتعامل مع التحديات المعقدة التي خلقتها حرب غزة للشعب الفلسطيني. وذكرت الجماعة كذلك أنها تريد بناء قيادة جديدة داخل المنظمة تمثل فيها جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الاسلامي.

ويؤيد عباس ظاهريا  ضم حماس إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وتشير الادلة  إلى الجهود العديدة التي بذلها على مر السنين لتعزيز المصالحة بين فتح وحماس. وهو يصر على شرطين أساسيين لاشراك حماس: إنهاء المقاومة المسلحة لصالح النضال السياسي، وقبول حماس لجميع الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك اتفاقيات
أوسلو.

وفي الوقت نفسه، لا يزال معارضو عباس، وأنصار المبادرة الجديدة، يفتقرون إلى خطة عملياتية وإطار مفاهيمي وسياسي وأيديولوجي يمكن أن ترتكز عليهما.