الثانوية العامة: الكابوس الذي لا ينتهي
تعتبر الثانوية العامة في الأردن مرحلة حاسمة في حياة الطلاب، فهي تمثل الجسر الذي يعبرون من خلاله إلى المستقبل الأكاديمي والمهني. ومع ذلك، يصف الكثيرون هذه المرحلة بأنها "الكابوس الذي لا ينتهي”، نظراً للضغوط الهائلة التي يتعرض لها الطلاب وأسرهم خلال هذه الفترة.
تشكل امتحانات الثانوية العامة تحدياً كبيراً للطلاب، حيث تتطلب منهم تحصيل كم هائل من المعلومات في فترة زمنية قصيرة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الطلاب من ضغط المنافسة الشديدة للحصول على معدلات عالية تؤهلهم لدخول التخصصات الجامعية التي يطمحون إليها. هذا الضغط النفسي قد يؤثر سلباً على صحة الطلاب النفسية والجسدية، مما ينعكس على أدائهم الأكاديمي.
الأسر أيضاً ليست بمعزل عن هذا الكابوس. فالآباء والأمهات يشعرون بعبء كبير وهم يحاولون دعم أبنائهم نفسياً ومعنوياً، فضلاً عن توفير البيئة المثلى للدراسة والتحصيل. كما أن التكاليف المالية المرتبطة بالدروس الخصوصية والمستلزمات الدراسية تزيد من العبء على الأسر.
لا شك أن التغيرات التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم لا تصل إلى مرحلة الشفافية المطلوبة. في السنوات الأخيرة، شهدنا تضخمًا في العلامات لم يسبق له مثيل في الأردن. هذا التضخم ناتج عن عدم مواجهة الحقائق وعدم صحتها، حيث أن الوزارات المتعاقبة تعمل على تغطية قصورها وعدم القدرة على مواجهة الرأي العام. هذه النتائج غير المتوقعة تؤثر سلباً على نفسية ومستقبل أبنائنا، حيث تخلق عندهم توجهات غير مسبوقة وتدفعهم إلى الشك في نظام التعليم والمستقبل الأكاديمي.
كما تعاقب على مجلس التربية وزراء ليس لهم أي علاقة بتخصص التربية والنظريات التربوية، ناهيك عن الفشل الذريع في تراجع مستوى النتائج العالمية لطلبة المدارس. هذا التراجع يعكس عدم كفاءة القيادات التربوية في فهم وتطبيق أسس التعليم الحديثة، مما يساهم في تفاقم المشكلة وزيادة الفجوة بين التعليم المحلي والمعايير العالمية.
لحل هذه المشكلة، يجب إعادة النظر في نظام الثانوية العامة من خلال تبني أساليب تقييم شاملة تعتمد على الأداء المستمر والمشاريع العملية بدلاً من الامتحانات النهائية فقط. كما يجب تقديم دعم نفسي وإرشادي للطلاب لمساعدتهم على التعامل مع الضغوط النفسية.
تلعب مؤسسات التعليم العالي أيضاً دوراً هاماً في تخفيف هذا الكابوس. من خلال تقديم برامج تحضيرية ودورات تدريبية، يمكن للجامعات أن تساهم في تقليل الفجوة بين المدرسة والجامعة، مما يساعد الطلاب على الانتقال السلس إلى المرحلة الجامعية.
في الختام، إن الثانوية العامة ليست مجرد امتحانات نهائية، بل هي مرحلة تتطلب إعداداً شاملاً للطلاب ليكونوا قادرين على مواجهة تحديات المستقبل. بتحسين النظام التعليمي وتقديم الدعم اللازم للطلاب والأسر، يمكننا تحويل هذا الكابوس إلى تجربة تعليمية غنية ومثمرة تفتح الأبواب أمام الطلاب لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.
* الكاتب رئيس جامعة ال البيت سابقا