هل أخطأت وزارة التربية في وضع الأسئلة؟
كتب أ. د. هاني الضمور *
تتكرر أخطاء وزارة التربية في وضع أسئلة امتحانات الثانوية العامة سنوياً، مما يثير استياءً واسعاً بين الطلاب وأولياء الأمور والمجتمع ككل. هذا القصور في إعداد الامتحانات يعكس عدم الكفاءة في التخطيط والتنفيذ ويطرح تساؤلات حول المسؤولية والمساءلة داخل الوزارة. يجب أن تكون وزارة التربية قدوة في دقتها وتنظيمها، حيث يجب أن يكون احتمال حدوث الخطأ صفراً، ولكن الواقع يعكس غير ذلك.
قد تكون أسباب هذه الأخطاء المتكررة نتيجة إسناد وضع الامتحانات لأشخاص غير متخصصين أو منتفعين، مما يؤدي إلى نقص في التخطيط والتنسيق بين فرق العمل المكلفة بوضع الامتحانات. ربما يكون إعداد امتحانات الثانوية العامة يتطلب جهوداً جماعية ومشتركة لضمان جودة الأسئلة وملاءمتها للمناهج التعليمية، لكن هذا لا يتحقق فعلياً. ربما هناك نقص في الخبرة والمعرفة لدى بعض المعلمين المكلفين بوضع الأسئلة، فليس كل معلم مؤهل لإعداد امتحانات وطنية تتطلب دقة عالية ومعايير محددة. قد يكون أيضاً أن الوزارة لا تستفيد من الأخطاء التي حدثت في السنوات السابقة ولا تقوم بإجراء التحسينات اللازمة، فالتعلم من الأخطاء السابقة هو أمر أساسي في أي عملية تطوير وتحسين. وربما يكون هناك قصور في عملية الإشراف والتقييم النهائي للأسئلة قبل اعتمادها، فمن المهم أن تمر الأسئلة بمرحلة مراجعة دقيقة من قبل خبراء في المجال.
لحل هذه المشكلة المتكررة، يجب على وزارة التربية تبني إجراءات صارمة ومنهجية لتحسين جودة الامتحانات. أولاً، يجب تشكيل لجنة مختصة تتكون من خبراء في التعليم ومناهج الثانوية العامة، تكون مهمتها الإشراف على عملية إعداد الأسئلة والتأكد من جودتها. ثانياً، ينبغي تقديم دورات تدريبية مكثفة للمعلمين المكلفين بوضع الأسئلة لتعزيز مهاراتهم وضمان فهمهم الكامل للمناهج الدراسية والمعايير المطلوبة. ثالثاً، يجب وضع نظام لمراجعة وتقييم الأسئلة بشكل دوري قبل اعتمادها، مع إشراك خبراء من مختلف المجالات لضمان دقتها وشموليتها. وأخيراً، يجب أن تكون هناك محاسبة صارمة لأي مسؤول يتسبب في تكرار الأخطاء أو الإهمال في عملية إعداد الامتحانات. الشفافية والمساءلة يجب أن تكون جزءاً أساسياً من نظام العمل داخل الوزارة.
إن تكرار الأخطاء في امتحانات الثانوية العامة يعكس ضعفاً في منظومة التعليم ككل. من الضروري أن ترتقي الوزارة بمستوى المحاسبة والشفافية لتجنب تكرار هذه الأخطاء ولضمان مستقبل أفضل للطلاب. يجب أن يكون هناك تحقيق دقيق في كل خطأ يتم ارتكابه، وتحديد المسؤولين عنه واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكراره. في الختام، تحسين جودة التعليم يتطلب جهداً جماعياً ومستمراً من قبل جميع الأطراف المعنية. وعلى وزارة التربية أن تأخذ دورها بجدية أكبر وتعمل على تحسين عملية إعداد الامتحانات لضمان تحقيق العدالة والجودة في التعليم.