مُنجز عقود في عَقدين... حدث في جامعة الشرق الأوسط
بكلّ الفخر والحب، وبأسمى معاني الانتماء والامتنان أزفّ إلى جامعتي... جامعة الشرق الأوسط أسمى معاني التهنئة والتبريك، وهي تقف على أبواب العقد الثالث من عمرها المديد، محقّقة في عقدين من الزمن انقضيا على تأسيسها نهاية شهر حزيران عام 2005، مُنجزًا عظيمًا يحتاج على أرض الواقع العمليّ إلى عقود لتحقيقه، وكسب عوائده العظيمة على مستوى الثروة البشرية، أغلى ثروات الأردن، وهدف مؤسساته التعليمية الأول بل الأوحد؛ تحقيقًا لرؤية جلالة أبي الحسين في الورقة النقاشية السابعة، متبدّية في قوله:" لا شيء يعدل التعليم في مسيرة بناء الدول، وتغيير وجه العالم، إلى الأجمل والأكمل والأفضل، ولا سيما في مرحلة باتت تتسابق فيها الأمم في اقتصاد المعرفة، واستثمار الطاقات البشرية... ، وليس أمامنا إلا أن نستثمر في هذه الثروة بكل قوة ومسؤولية؛ فلا استثمار يدرّ من العوائد كما يدرّ الاستثمار في التعليم"، وفي الورقة نفسها حدّد جلالته أدوار المؤسسات التعليمية في هذا المجال، وهي الأدوار التي كانت جامعة الشرق الأوسط منذ نشأتها قد وعتها، واستوعبت وجوب القيام بها، وحرصت على توفير ما يُعينها على ذلك، ووظّفت كلّ إمكاناتها، ومقدّراتها، وكوادرها، في سبيل أدائها على الوجه الأمثل المنشود؛ حتى غدت أنموذجًا يُحتذى. خلال عقدين من الزمن استطاعت جامعة الشرق الأوسط أن تحفر اسمها بحروف من ذهب في سِفْر الجامعات المحترمة، كما أراد لها أن تكون سعادة العين الدكتور يعقوب ناصر الدين مؤسسها ورئيس مجلس أمنائها، معبّرة عن المعاني المحمولة في الدلالات العميقة لهذه الكلمة العظيمة ضمن سياقات عملها، على مستوى الأداء المنوط بمؤسسة تعليمية مسؤولة، وفي إطار محاور مرتكزات وجودها الثلاثة: التعليم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع؛ فالمحترَم هو العظيم المُكرَّم، واللفظة مشتقة على وزن اسم المفعول من الفعل (احترم)، وهي تُطلق بوصفها لقب تعظيم وتبجيل بعد الاسم أو الرّتبة؛ وهذا يعني أنّ الجامعة المحترمة تستحق التعظيم والتكريم، وتستوجب في سماتها، وخصائصها ما يدعو إلى حملها هذا النعت، وامتلاكها تلك الصفة. وقد سَعَت جامعة الشرق الأوسط منذ تأسيسها إلى تحقيق ما يدعو إلى ذلك؛ فالجودة، والرّيادة، والتميّز هي سمات أدائها وعطائها رؤية وتطبيقًا؛ إذ إنها رسمت سياسات واضحة لتنفيذ خططها الاستراتيجية التي اتّصفت في مراحلها كافة بمواكبة مستجدّات الواقع ومتطلباته؛ استدامة لسماتها تلك على المستويات كافّة، وهي سمات مشهودة ومقدّرة من كلّ الفئات التي تتعامل معها. وفي هذا الإطار امتازت الجامعة على الدوام بسياساتها الناظمة للعمليّة التعليميّة فيها، وعلى رأسها سياسة التعليم والتعلّم، التي سعت من خلالها إلى تطوير برامجها الأكاديمية، وخططها الدراسية انسجامًا مع متطلبات سوق العمل الذي وسّعت دائرته ليشمل السوق العالميّة، بالإضافة إلى المحلّيّة والإقليميّة؛ إثر شراكات علميّة رائدة وفريدة مع جامعات عالميّة مرموقة؛ وصولًا إلى حرم معرفيّ دوليّ يُشار له بالبنان، يقدّم برامج أكاديمية مشتركة ومستضافة على مستويي البكالوريوس والدراسات العليا في تخصّصات متنوّعة. وبين الفينة والأخرى نسعد بأخبار حصول الجامعة على تصنيفات واعتمادات دوليّة مهمّة، جعلتها في مصافّ الجامعات المرموقة، بعد أن تميّزت بحصولها وكلياتها كافة على شهادة ضمان الجودة الوطنيّة من هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، ولا يمكن لمن لم يَخُض في تفاصيل العمل المرتبط بالحصول على تلك الامتيازات أن يعيَ حجمه المطلوب، أو يستوعب صورته المرسومة بكل معاني الانتماء، والتفاني، والإخلاص لمؤسسة أعطت فأغدقت العطاء، واستحقّت بالمقابل إخلاص كوادرها ومنتسبيها تحقيقًا لمطامحهم فيها... مؤسسة وطنيّة محترمة بامتياز. وخلال سنوات وجودها شاهدًا حيًّا على النهضة التعليميّة في الأردن، وإحدى أهم المؤسسات التعليميّة الرائدة فيه منذ تولى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية، أولت جامعة الشرق الأوسط البحث العلميّ جلّ اهتمامها؛ فهيّأت له بيئة مثاليّة، وخصّصت له دعمًا متميزًا مادّيًّا ومعنويًّا، مراعية أولويّاته الوطنيّة، ومسخّرة له إمكاناتها ومقدراتها كافة؛ خدمة للوطن العزيز، وللإنسانية جمعاء. وفي سياق متّصل تجدر الإشارة إلى حرص هيئة المديرين في الجامعة على الإفادة من خصائصِ بنيتها التحتية المؤسَّسة على قواعدَ متينة ثابتة لا تميد، في سبيل تطوير مرافقها الجامعية العديدة المُنشأة أساسًا على وفق تصاميم عصريّة حديثة، والمزوّدة بتجهيزات وبوسائل تكنولوجية متطورة؛ لضمان تقديم أفضل مستويات الخدمة للمنتفعين من الفئات المجتمعيّة كافة، مراعية أهم شروط السلامة العامة في جامعة خضراء ذكيّة، ينعم منتسبوها ومرتادوها بأعلى درجات الأمن والأمان. من جهة أخرى، تُعدّ جامعة الشرق الأوسط قِبلة للطلبة الراغبين في تعليم نوعيّ نظري وتطبيقيّ يواكب أحدث الأساليب والتقنيات العالميّة في التدريس والتدريب، وتجسّد حالة من التنوّع الثقافيّ الفريد، باحتضانها طلبة وافدين من بلاد عربية شقيقة، وبلاد أجنبية صديقة، تدفعهم بكلّ حبّ للانخراط في أنشطتها وفعالياتها، مؤمنة في الوقت نفسه بطاقات خرّيجيها المتميّزين، وسبّاقة إلى توظيفهم فيها ضمن كادرها الأكاديميّ والإداريّ. وخلال سنوات عمرها المديد بإذن الله، وعبر عقدين من الزمن، التزمت جامعة الشرق الأوسط بمبادئ الحوكمة الرشيدة، فاحتمت بها من مغبّة الوقوع في براثن التعصّب والتطرّف، ونوازع الظلم والعنف بأشكالها كافة، ولم تنسَ وهي تدفع إلى الوطن والأمة في كل عام بمئات القادة الذين أعدّتهم في مصنعها العتيد دورها المجتمعيّ العظيم، ويمكن الاستدلال عليه بسهولة بتتبّع إسهاماتها العديدة في مجالات خدمة المجتمع بأفكار رياديّة، وبممارسات تفاعليّة، وفي إطار شراكات حقيقية فاعلة مع القطاعات والهيئات المختلفة؛ إيمانًا منها بدورها المهم في صناعة الإنسان، ولا يمكن لي أن أنسى الكيفية التي واجهت فيها الجامعة أحداث أزمة كورونا، اعتمادًا على خطة محكمة لإدارة المخاطر، توافقت مع التدابير الحكومية الرسمية لمواجهتها، دون المساس بالمصلحة العليا لطلبتها ولمنتسبيها، كما لا يمكنني أن أتغافل زخم الأخبار التي ارتبطت بها مؤخّرًا، والفعاليات التي نظّمت فيها؛ لغايات تأكيد دورها المحوريّ تجاه غزة العزّة، في خضم ّالأحداث العصيبة التي تعيشها تحت نير الحرب الظالمة المستبدّة. ومن زاوية أخرى لن تكون الأخيرة بإذن الله، لا يمكن إغفال صور الدعم الذي تقدمه جامعة الشرق الأوسط في المرحلة الحالية للجهود الوطنية المبذولة في مجال تطوير العمل الحزبيّ، وتشجيعها الشباب على الانخراط فيه، وتوعيتهم بأهمية المشاركة الحزبية، وتهيئتهم لأداء أدوارهم المقبلة، إسهامًا في رفعة الأردن الغالي، وتمكينًا للتجربة الديمقراطية الواعية فيه. وبعد، فإن التبصّر فيما وراء السطور المكتوبة أعلاه، وصولًا إلى تفاصيل منجز جامعة الشرق الأوسط في عقدين من الزمن الحقيقي على مستوى الأيام، يتبيّن كُنْه العبارة التي تتردّد كثيرًا بين الناس، وفحواها أن العمر مجرد رقم، وأنه يقاس بحجم الإنجاز، وبمقدار العطاء، وبقوة التأثير، لا بعدد السنوات المقطوعة منه، وقد أنجزت جامعة الشرق الأوسط خلال عقدين فقط ما تعجز مؤسسات أخرى عن إنجازه في عقود؛ فكل عام وجامعتنا الحبيبة، جامعة الوطن العظيم، نجمة تضيء سماءه، وإلى مزيد من العطاء والرفعة في بلد الإنجازات... الأردن الحبيب.