الجامعات ليست مسؤولة عن البطالة أو التشغيل: الدولة هي الجهة المسؤولة

 
تشهد الساحة الأكاديمية والإعلامية في الأردن جدلاً مستمراً حول دور الجامعات في معالجة مشكلات البطالة والتشغيل في البلاد. وبينما تُوجَّه الانتقادات نحو المؤسسات التعليمية لعدم تلبية متطلبات سوق العمل، يرى العديد من الخبراء أن الجامعات ليست هي الجهة المسؤولة عن هذه المشكلات. بل إن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق الدولة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية، واستقطاب المستثمرين، ودعم القطاع الخاص.

تُعتبر الشعارات التي تُطالب بتحويل الجامعات إلى مراكز تدريب لسوق العمل شعارات رأسمالية تسعى إلى تقويض الدور الأساسي للجامعات. فالجامعات وُجدت في الأصل لإنتاج المعرفة، والابتكار، والتطوير. إنها مؤسسات تهدف إلى نقل وإنتاج المعرفة، وليست مجرد معاهد لتدريب القوى العاملة. إن تحويل الجامعات إلى مراكز تدريب يلغي دورها الأصيل ويختزلها إلى مؤسسات تخرج كوادر بشرية مدربة فقط.

في الأردن، نجد العديد من الكوادر البشرية التي تتمتع بكفاءات ومهارات عالية تتجاوز الفرص المتاحة في سوق العمل. وهذا يعكس الخلل في النظام الاقتصادي وليس في النظام التعليمي. فالدولة هي الجهة التي يجب أن تركز على خلق بيئة اقتصادية مستقرة وآمنة، وجذب الاستثمارات، وتوفير دعم قوي للقطاع الخاص ليتمكن من توفير فرص عمل تتناسب مع قدرات ومؤهلات الخريجين.

علاوة على ذلك، ينبغي أن تعمل الدولة على تعزيز الروابط بين التعليم العالي وقطاعات الاقتصاد المختلفة من خلال شراكات استراتيجية تضمن توجيه الجهود البحثية والتطويرية نحو تلبية الاحتياجات الفعلية للسوق. وبهذا الشكل، يمكن أن تسهم الجامعات في التنمية الاقتصادية بشكل فعّال دون أن تُحمَّل بمسؤوليات لا تندرج ضمن دورها الأساسي.

إن دور الجامعات في المجتمع يتجاوز مجرد إعداد الخريجين لسوق العمل. فهي مؤسسات تهدف إلى تعزيز الفكر النقدي، وإنتاج الأبحاث العلمية، ودعم الابتكار. وعلى الدولة أن تتخذ الخطوات اللازمة لتوفير بيئة تمكينية تحقق الاستفادة القصوى من هذه القدرات والإمكانات، من خلال سياسات اقتصادية فعّالة وبرامج تنموية طموحة.

في الختام، يتضح أن الحلول لمشكلة البطالة في الأردن تتطلب تعاوناً مشتركاً بين الدولة والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية. فالجامعات تقوم بدورها في إنتاج المعرفة وتطوير الكوادر البشرية، وعلى الدولة أن تهيئ البيئة الاقتصادية المناسبة لاستيعاب هذه الكوادر وتحقيق التنمية الشاملة. إن نقل مسؤولية البطالة والتشغيل إلى الجامعات هو تجني على دورها الأكاديمي والمعرفي، وتحميلها ما لا تطيق من مسؤوليات اقتصادية واجتماعية.