الأنظمة العربية وسعار نتنياهو: الآن الآن وليس غداً!



موقف الأنظمة العربية [والإسلامية] كان مخيّباً منذ اليوم الأوّل لانطلاق "طوفان الأقصى" وحرب الإبادة والتهجير المُمنهجة التي أعقبته بدعم أمريكي وغربي مفتوح.

لكن ما مرّ كوم، وسعار الكيان الصهيوني اليومين الأخيرين كوم آخر!

هذا السعار لا يمكن حتى وصفه بالابتزاز ومحاولة التفاوض تحت النار، بل هو سعار صرف ونقطة، سعار مَن لم يعد يرى أمامه أحداً!

بالنسبة للأنظمة العربية التي تتذرّع بأنّها متمسكة بالسلام كخيار إستراتيجيّ، فإنّ عصابة الحرب الصهيونية التي تتولّى مقاليد الكيان حاليّاً قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشكّ أو المواربة أنّها لا تصلح شريكاً للسلام، بل إنّ كلمة سلام ليست في قاموسها أساساً، ولا مناص من تعليق هذا السلام وتجميده حتى بالنسبة لأشدّ المؤمنين به لحين توفّر الشريك المناسب والحيثيات المواتية!

وبالنسبة للأنظمة التي تتذرّع بالالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الموقّعة وفق ما تمليه المواثيق الدولية، فإنّ عصابة الحرب الصهيونية الحالية هي محض مجرمي حرب يضربون بعرض الحائط القانون الدولي، والشرعيّة الدولية ومفاعيلها وهيئاتها ومؤسساتها الأمميّة لا تساوي لديهم "قشرة بصلة"!

وبالنسبة للأنظمة التي تتذرّع بالدبلوماسية وتراهن على إمكانيّة تحقيق إنفراجة ما من خلال الوساطة والتفاوض، فإنّ عصابة الحرب الصهيونية لا تقيم وزناً أو خاطراً لوسيط أيّاً كان، وكلّ مواقفها وسلوكياتها موجّهة لإفشال أي مفاوضات وتفجيرها.

بكلمات أخرى، لم يعد لدى الأنظمة العربية أي عذر، فحتى "السلام" و"الشرعية الدولية" و"الدبلوماسيّة" تملي على هذه الأنظمة في هذا المنعطف الحرج ضرورة التحرّك واستخدام أوراق الضغط المتاحة بين يديها من أجل كبح جماح اليمين الصهيوني المتطرّف وكشف الغطاء عنه نهائيّاً.

تجميد الاتفاقيات وقطع العلاقات ووقف "التنسيق" هي أبسط أوراق الضغط هذه.

قد آن الأوان لأن تضع الأنظمة العربية موقفها من المقاومة جانباً، فالمسألة لم تعد تقتصر على حقن دماء أهالي غزّة وإنهاء معاناتهم باعتبار هذا مطلباً مُعلناً للجميع.. بل الأمر قد تعدّى ذلك إلى ضرورة كفّ يد عصابة الحرب الصهيونية قبل أن تقوم بتصدير أزمتها وفوضاها إلى دول الجوار، أو جرّ المنطقة برمّتها إلى دوّامة دم ودمار لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجها ومآلاتها.

وبالنسبة لـ "الحليف" الأمريكي، ولن نقول السيد الأمريكي، فإذا أردتَ أن تُطاع فاطلب المستطاع؛ فلا يعقل أن تطالب أمريكا الأنظمة العربية بالاحتفاظ بـ "حيادها" و"عقلانيّتها" باسم "الاعتدال"، بينما تصدّر لهم "نتنياهو" وطغمته الصهيونية المسعورة، وتتحايل في هذه الأثناء على الجميع من خلال إدارة مسرحية مفاوضات عبثية هدفها شراء الوقت بدماء الفلسطينيين من أجل إتاحة المجال أمام ماكينة القتل والإجرام الصهيونية لـ "إتمام المهمّة"!

على الأنظمة العربية أن تستخدم ما في جعبتها من أوراق الآن، لأنّه بعد حين لن تعود هذه الأوراق تجدي نفعاً بعد أن تكون الفاس قد وقعت بالراس!

الأنظمة العربية بحاجة للتحرّك الفوري من أجل نفسها وشعوبها وكيانات دولها وأمنها الوطنيّ والوجوديّ قبل أي اعتبار آخر!

"الآن الآن وليس غداً"، هذا ما ينبغي أن يكون شعار السياسة والدبلوماسية العربية في هذه المرحلة، لا أن تبقى هذه السياسة والدبلوماسية رهناً بمصالح فئة قليلة تطمح بالاحتفاظ بـ "أدوارها الوظيفية" و/أو "تلحيس أصابعها" من "عقود الغاز" وبركات "السلام الاقتصادي" الموعود!