الأردن : مستمرون بدعم «الأونروا»

أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي أن محاولة إسرائيل اغتيال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) سياسياً هو جزء من مخططها تصفية القضية الفلسطينية.
وقال «هذا أمر بات العالم يدركه بشكل أكبر، ومن هنا نرى أن كثيراً من الدول، رغم كل الاتهامات التي كيلت إلى الوكالة ورغم كل المحاولات التي تمت من أجل تصفية الوكالة، مستمرة في دعم الأونروا».
جاء ذلك، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده الصفدي والمفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، بعد مباحثات أجرياها أمس، تناولت جهود وقف الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء القطاع، وضرورة توفير الحماية اللازمة للمنظمات الإغاثية والعاملين فيها، وخاصة الأونروا التي تقوم بدور استثنائي لا يمكن الاستغناء عنه في تقديم الخدمات الحيوية للفلسطينيين في القطاع.
وقال الصفدي «لقاؤنا اليوم هو استمرار لعملية التشاور المستمرة بين المملكة والأونروا من أجل دعم الوكالة في هذه الظروف المأساوية التي ما تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرضها على غزة وتفرضها على الوكالة أيضاً».
وأضاف «حديثنا كشف أن الأوضاع ما تزال تتفاقم بشكل مأساوي، والوضع الإنساني كارثي، وقدرة الأونروا على القيام بواجبها وخدمة أهلنا في غزة ما تزال محدودة جداً بسبب المعوقات التي تفرضها قوات الاحتلال على الوكالة».
وزاد الصفدي «الكارثة الإنسانية في غزة تتفاقم مع استمرار العدوان، والمساعدات التي تدخل هي في الحد الأدنى ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين الفلسطينيين في غزة، وقدرة الأونروا ومؤسسات ومنظمات الأمم المتحدة على إيصال المساعدات تراجعت بشكل كبير أيضاً نتيجة عدم التزام قوات الاحتلال الإسرائيلي التزاماتها الدولية وتأمين الحماية للموظفين التابعين للأمم المتحدة في غزة، إضافة إلى انهيار النظام أيضاً نتيجة استمرار العدوان».
وقال الصفدي «بحثنا اليوم السبل التي يمكن أن نلجأ إليها من أجل تحسين الوضع الإنساني، والنتيجة التي وصلنا إليها أن من دون موقف حازم وصارم وحقيقي وواضح وفوري من المجتمع الدولي يلزم إسرائيل بالقيام بمسؤولياتها، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ويفرض عليها إدخال المساعدات، وفتح جميع المعابر، ويفرض عليها تأمين الحماية للمنظمات الأممية سنجد أنفسنا في مواجهة كارثة إنسانية أكبر من الكارثة التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً حتى الآن».
وأضاف «تحدثنا عن جهدنا المشترك الذي بدأ قبل سنوات من أجل توفير الدعم السياسي والمادي للوكالة، وبحثنا الاستعدادات للمؤتمر الذي ستنظمه المملكة بالتعاون مع مملكة السويد وبرعاية عديد دول أخرى من أجل أن نضمن استمرار الدعم السياسي للوكالة التي تتعرض كما قلت لمحاولة اغتيال من إسرائيل، ومن أجل أيضاً أن نضع المجتمع الدولي في مواجهة الحقيقة وهي أن الأونروا لا تملك ما تحتاجه من إمكانيات وموارد مالية للقيام بواجبها وفق تكليفها الأممي، وبالتالي العمل على حشد الدعم المادي للوكالة أيضاً».
وقال الصفدي «في مواجهة الواقع اللاإنساني والكارثي الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة هنالك واقع بطولي أيضاً تقوم به الوكالة التي تستمر في القيام بكل ما تستطيعه لمساعدة شعب يتعرض لعدوان غاشم». وزاد «قدمت الأونروا (197) من موظفيها الذين ارتقوا خلال هذا العدوان، مدارسها باتت ملاجئ، وحتى هذه المدارس ليست آمنة من القصف الإسرائيلي اليومي على غزة، وقضى الكثيرون من موظفي الأونروا ومن أهلنا في غزة في ملاجئ كان يفترض أنها آمنة، لكن الحقيقة التي باتت واضحة الآن أن لا مكان آمنا في غزة ما استمر العدوان وما استمرت إسرائيل في عنجهيتها، وما استمر المجتمع الدولي عاجزاً عن تنفيذ القانون الدولي، وتوفير الحماية للغزيين وللمنظمات الدولية، ووقف هذا العدوان الذي ارتكبت إسرائيل خلاله جرائم حرب على كل المستويات لدرجة أنها وضعت الآن في القائمة السوداء للدول التي تستهدف الأطفال».
وأكد الصفدي : «المملكة تقف بكل إمكاناتها مع الوكالة ومستمرة بتوجيه مباشر من جلالة الملك حفظه الله بالقيام بكل ما تستطيعه من أجل أن توفر الدعم اللازم للوكالة، وأن تؤكد للعالم أن وكالة الأونروا هي وكالة إنسانية لا يمكن استبدالها أو القيام بدورها». وقال «نحن ننظر إلى الآن وننظر إلى ما بعد اللحظة عندما يتوقف هذا العدوان، حيث لا تستطيع أي منظمة أخرى أن تقوم بما تستطيع الأونروا القيام به، ليس فقط من تقديم مساعدات إنسانية ولكن أيضاً من توفير خدمات صحية، ومن توفير التعليم».
وزاد الصفدي «نحن فقدنا جيلاً كاملاً في غزة نتيجة هذا العدوان، أكثر من 500 ألف طفل فلسطيني في غزة الآن لم يذهبوا إلى المدارس منذ أكثر من تسعة أشهر، وهذا كله يوضح حجم الكارثة التي يفرضها هذا العدوان، وأن تبعات هذه الكارثة لن تنتهي مع وقف هذا العدوان ولكنها ستستمر لسنوات وسنوات».
وفيما يتعلق بالضفة الغربية، قال الصفدي «بحثنا الأوضاع في الضفة الغربية، حيث هنالك محاصرة لقدرة الوكالة على القيام بدورها، في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل أيضاً بجرائم حرب هناك، وهنالك خرق واضح للقانون الدولي وهناك تقويض كامل لكل فرص تحقيق السلام العادل والشامل الذي لن يتحقق إلا إذا تجسدت الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة».
وأشار الصفدي إلى أن العام 2024 شهد أكبر عمليات لمصادرة أراض فلسطينية، وشهد أكبر عملية مصادرة أراضي منذ حوالي (30) عاماً في الضفة الغربية، إضافة إلى الاقتحامات والعدوان على التجمعات الفلسطينية في الضفة، وإرهاب المستوطنين الذي ما يزال يوقع القتل والدمار على الفلسطينيين.
وقال «الوضع للأسف ما يزال كارثياً، والمجتمع الدولي ما يزال عاجزاً عن لجم العدوانية الإسرائيلية وعن توفير الحقوق الأدنى للشعب الفلسطيني في الماء والغذاء والدواء والعلاج والتعليم، ولكن ثمة جانب إيجابي ومشرق نراه في التضحيات التي تستمر الأونروا ومنظمات أممية أخرى بالقيام به».
من جانبه، ثمّن لازاريني الدعم الذي تقدمه المملكة الأردنية الهاشمية للأونروا، والجهد الكبير الذي تبذله لدعم اللاجئين الفلسطينيين.
وقال لازاريني «في الضفة الغربية، يوجد حرب صامتة تعيش في ظلال الحرب في غزة، حيث قتل أكثر من 500 فلسطيني من بينهم أكثر من (130) طفلاً منذ السابع من تشرين الأول في الضفة الغربية». وزاد «أكثر من نصف منشآت وكالة الأونروا من مدارس ومرافق صحية في غزة تم تدميرها».
وأضاف لازاريني «عندما يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار فإن الأونروا هي المنظمة الوحيدة التي تستطيع أن تقدم نوعاً من الأمل لملايين الفلسطينيين في قطاع غزة».
وفي إجابة على سؤال حول الاستهداف الذي تتعرض له الأونروا، قال لازاريني «هنالك عدوان صارخ ومستعر على الوكالة ودورها، وأصبحت الوكالة وما زالت هدفاً للحرب، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني، والمسؤولون عن هذه الانتهاكات يجب أن يخضعوا للمساءلة، وهنالك أيضاً هدف سياسي وهو التخلص من وكالة الأونروا، بهدف تجريد الفلسطينيين من حقهم في إقامة دولتهم، وقتل طموحات الفلسطينيين بشكل عام».
وفي تعقيب على ذات السؤال قال الصفدي «محاولات قتل الوكالة منذ سنوات وليس فقط من خلال الأشهر التسعة الماضية، وكثير من الدول في المنطقة وخارجها وقفت مع الأونروا لأنها تؤمن بإنسانية الوكالة وتؤمن أيضاً بأهمية دورها ليس فقط في مساعدة الشعب الفلسطيني وتوفير التعليم والخدمات الصحية له، ولكن أيضاً في بناء المستقبل الفلسطيني وإبقاء الأمل الفلسطيني، والحفاظ على قضية اللاجئين التي قد تمثل قضية أساسية في الصراع مع إسرائيل، وبقاء الوكالة هو أمر ضروري، وكثير من الدول تدرك ذلك، وحجم التحديات بالتأكيد زادت خلال الأشهر التسعة الماضية نتيجة الأعباء الكارثية التي فرضها العدوان الإسرائيلي على غزة، وبالتالي وضعها في إطار مسؤوليات الوكالة».
وشدد الصفدي «مستمرون في بذل كل جهد ممكن لأن نعمل مع أصدقائنا وأشقائنا من أجل ضمان أن تحصل الوكالة على ما تحتاجه من إمكانيات حتى تقوم بدورها وتؤدي تكليفها الأممي».
وقال «هنالك دعم سياسي واضح للوكالة من كثير من الدول، تبدى ذلك في التصويت على تجديد ولاية الوكالة، ويتبدى أيضاً في استمرار الكثير من الدول ليس فقط في تقديم الدعم ولكن أيضاً التأكيد على دور الأونروا وأهميته».
وقال « الحاجة أكبر، وبالتالي عجالة التحرك الدولي أيضاً مطلوبة بشكل كبير لأن كل يوم تعجز فيه الوكالة عن القيام بدورها كلما عانى الفلسطينيون بشكل أكبر وبشكل مكثف، فنحن أمام حالتين؛ الحالة الأولى مخطط إسرائيلي لتصفية الوكالة في إطار مخطط أكبر لتصفية القضية الفلسطينية، وجهد نقوم به مدعوم من كثير من الدول للحفاظ على الوكالة وأيضا لحماية القضية الفلسطينية انطلاقاً من اقتناع دولي راسخ بأن تجسيد الدولة الفلسطينية وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني هي السبيل الوحيد للمستقبل الآمن، مستقبل السلام الذي نريده ونحتاجه جميعاً».
وزاد «الفجوة الآن هي ما بين الموقف السياسي وما بين الفعل المؤثر، وثمة مواقف سياسية تطورت بشكل كبير منذ بدء العدوان على غزة لكن ما نزال نرى فجوة في ترجمة هذه المواقف إلى فعل مؤثر يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة أولاً، ويوقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقتل فرص تحقيق السلام في الضفة الغربية ثانياً، ويحول دون توسع الصراع إقليمياً إلى لبنان كما هو الخطر المتنامي الآن ثالثاً، وحماية الأونروا وحماية منظمات الأمم المتحدة التي تقوم بواجبها الإنساني إزاء الفلسطينيين رابعاً، فثمة الكثير من التحديات التي نحن في مواجهتها ولكن كما قلت ثمة إصرار على أن الوكالة يجب أن تحمى لأن في حماية الوكالة حماية ليس فقط للشعب الفلسطيني الآن ولكن أيضاً حماية لمستقبل الفلسطينيين».