لا انتخابات نزيهة دون حل البرلمان!
أحمد الحراسيس - في الخطة الاستراتيجية التي وضعتها الهيئة المستقلة للانتخاب للأعوام (2023- 2025)، يأتي إجراء انتخابات "نزيهة عادلة" في مقدّمة الأهداف والأولويات التي تسعى الهيئة لتحقيقها، وذلك في سبيل استعادة ثقة المواطن الأردني بالعملية الانتخابية برمّتها، فيما تبذل الهيئة جهودها لإنفاذ التشريعات ذات الصلة، وتطبيق الممارسات والمعايير الفضلى على المستوى الدولي لإخراج الانتخابات بأفضل "مظهر".
المشكلة، أن كلّ تلك الجهود والخطط الاستراتيجية والأهداف تذهب أدراج الرياح بفعل الممارسات الحكومية والرسمية الأخرى، وهنا لا نتحدث عن الاعتقالات والتضييق على حريات المواطنين، على أهميتها، بل عن غياب مظاهر العدالة بين المرشحين للانتخابات النيابية القادمة التي ستنعقد بعد شهرين اثنين فقط!
اليوم، نتساءل عن السبب والظرف القاهر الذي يستدعي بقاء مجلس النواب منعقدا حتى اللحظة، سيّما وأن دوره التشريعي والرقابي معطّل فعليا منذ (3) أشهر؟ فكيف نقول إننا نريد تحقيق العدالة ونحن نعطي النواب الحاليين أفضلية على منافسيهم؟
ندرك جميعا أن الخدمات هي المحرّك الرئيسي في تحديد سلوك الناخب الأردني، والمنطق يقول إن النائب الحالي أقدر على انجاز الخدمة للمواطن من منافسه في الانتخابات الذي قد يكون لا يملك من العلاقات مع المسؤولين شيئا، وبالتالي فإن الناخب سيكون أكثر ميلا للنائب الحالي القادر على تحقيق مطلبه "الخدمي"، ما يجعل بقاء مجلس النواب منعقدا ضربا للعدالة -التي يفترض أن تحرص عليها أركان الدولة جميعا- وجزءا من عملية هندسة مبكّرة للانتخابات.
الأمر ذاته ينسحب على بقاء الحكومة الحالي برئاسة الدكتور بشر الخصاونة، فحتى لو جرى حلّ مجلس النواب، فإن النائب يبقى يحتفظ بعلاقة انسانية أو ربما مصلحية مع الوزير تمكّنه من انجاز خدمة أو تعيين ليس بمقدور المرشّح المنافس تحقيقه، ما يستوجب رحيل هذه الحكومة، خاصة في ظلّ عدم وجود مصلحة يمكن للحكومة الحالية تحقيقها بعد ابرامها الاتفاقية الجديدة مع صندوق النقد الدولي، ورفعها تعرفة الماء والكهرباء، واقرارها نظام الموارد البشرية الجديد، وتعديل نظام صندوق دعم الطالب.
وأما القول إن الظرف السياسي الاقليمي والمحلي يحول دون إمكانية إقالة هذه الحكومة في هذا الوقت، فهو غير منطقي على الإطلاق، فقد رحلت الحكومة السابقة برئاسة عمر الرزاز في ظرف أكثر صعوبة من الظرف الحالي، وكنّا نمرّ في موجة انتشار لفيروس كورونا حصد أرواح مئات الأردنيين، ومع ذلك تغيّرت الحكومة وجاءت حكومة الخصاونة التي فشلت في تسيير الانتخابات بشكل أدى لخروقات كبيرة للقانون ولأوامر الدفاع التي كانت نافذة، وبما استدعى من وزير الداخلية آنذاك تقديم استقالته..
وفي هذا السياق، نشر الكاتب الصحفي، الزميل نايف المحيسن، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "لا يجوز لوزير التوقيع على قائمة تعيينات، إلا إذا كان لا يعرف أن هناك انتخابات نيابية"!
كما أشار الزميل الصحفي، فارس الحباشنة، إلى رصده قيام العديد من النواب بمراجعة مكاتب وزراء، لا لشيء إلا من أجل "الواسطة"، لافتا إلى أنه وبينما يحظى النواب الحاليون باستقبال حافل لدى الوزراء وكبار موظفي الوزارات المختلفة، فإن المرشحين المنافسين لهم يقفون في طوابير الانتظار على أبواب الوزارات مع المواطنين والمراجعين العاديين.