أديس أبابا.. هل يُصلح مؤتمر القوى السودانية ما أفسدته الحرب؟ اقتصاد

- أقرّ مؤتمر نظمه الاتحاد الأفريقي وشاركت به القوى السياسية والمدنية السودانية في أديس أبابا، خطوات تحضيرية لحوار سوداني- سوداني بعد الحرب تعزل -ضمنا- حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، وتفضي إلى تشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة، وتوحيد المؤسسة العسكرية. وعده مراقبون مكسبا للقوى المشاركة فيه لكنهم قالوا إنه لا يحقق تقدما نحو التوافق الوطني.

واختُتم المؤتمر، الاثنين، في العاصمة الإثيوبية، بعدما انطلق يوم 10 يوليو/تموز الجاري بمشاركة أكثر من 20 كتلة وحزبا ومجموعات مدنية وشبابية، تساند أغلبيتها الجيش السوداني، وأبرزهم قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية برئاسة جعفر الميرغني، وكتلة الحراك الوطني بزعامة التجاني السيسي، والتراضي الوطني برئاسة مبارك الفاضل المهدي.

في حين قاطعه تحالف القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" برئاسة عبد الله حمدوك التي اعتذرت بسبب مشاركة قوى اعتبرتها "واجهات لنظام الرئيس المعزول عمر البشير" وعدم مشاورتها في أجندة المؤتمر.

وركّز المؤتمر على الإجراءات التحضيرية للحوار السوداني- السوداني، وشدد على ضرورة أن يتناول قضايا وقف الحرب والمساعدات الإنسانية والترتيبات الدستورية بعد الحرب.


ترتيبات
ودعا البيان الختامي للمؤتمر إلى توحيد المبادرات بشأن السودان تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وفك تجميد عضويته في المنظمة الأفريقية المعلقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، عقب إجراءات رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في البلاد، التي اعتبرها الاتحاد "انقلابا".

كما شملت توصيات البيان أهمية الالتزام باتفاق جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع الموقّع في مايو/أيار 2023، و"إدانة انتهاكات الدعم السريع والقوى الخارجية التي تدعمها".

وأقر المؤتمر رؤية -حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- لعقد حوار سوداني- سوداني في داخل البلاد بعد الوصول إلى وقف إطلاق النار، وتمويله بعد إجراء المشاورات اللازمة مع الاتحاد الأفريقي.

وتُطلَق عملية الحوار هذه على 3 مراحل:

المرحلة الأولى: تتضمن تحديد المرجعيات الدستورية وشكل الحكم والمؤسسات، ومهام وصلاحيات الحكومة الانتقالية، إضافة إلى التوافق على فترة الحكم وصلاحياته. وتتم مناقشة معايير شاغلي المناصب الدستورية وقضايا السلام، وإنهاء الحرب، والعدالة الانتقالية وتنفيذ اتفاقيات السلام، ومعالجة قضايا النازحين واللاجئين.
المرحلة الثانية: اقترحت الرؤية مناقشات تبدأ بطبيعة الدولة وشكل ونظام الحكم، والهوية والمواطنة، وتحقيق المصالحة الشاملة، والمؤتمر الدستوري، وصناعة الدستور الدائم، وإعادة الإعمار وإصلاح وتطوير القوات المسلحة والأجهزة النظامية ودمج الجيوش وصولا إلى جيش مهني واحد.
كما تشمل هذه المرحلة مناقشة تفكيك نظام البشير، ومحاربة الفساد، وإجراء التعداد السكاني والترتيب للانتخابات وقضايا المفصولين وعلاقة الدين بالدولة.
المرحلة الثالثة: تتضمن قضايا الحوار من خلال تقسيمها إلى مرحلتين: الأولى لمناقشة القضايا المتعلقة بالهياكل واستعراض القضايا الدستورية للفترة الانتقالية، بينما تشمل الثانية مناقشة القضايا الجوهرية المتعلقة بجذور الأزمة السودانية.

جدل العزل
حددت مقترحات الحوار التحضيري أن يكون الحوار سودانيا شاملا لا يستثني أحدا إلا في حال صدرت بحقه أحكام بموجب القانون تحت طائلة جرائم الحرب، أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإبادة الجماعية أو بموجب الوثيقة الدستورية.

وفسّر مراقبون هذه الفقرة بأنها تعني -ضمنا- عزل حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا بزعامة عمر البشير، حيث إن لجنة تفكيك النظام السابق التي حلت الحزب وصادرت ممتلكاته، استندت إلى الوثيقة.

 
في المقابل، انتقد الحزب القوى السياسية المشاركة في مؤتمر الاتحاد الأفريقي، وقال -في بيان صادر عن "أمانة شباب الحزب"- إن تلك القوى "تتاجر بقضايا الشعب السوداني الذي لا يعرفهم أصلا ولا يقيم لهم وزنا".

وأكد المؤتمر الوطني أنه "لا يستمد شرعيته من أي جهة سياسية أخرى، ولا تستطيع أي جهة مهما بلغت مكانتها أن تُحدد له مكانته في الفعل السياسي، ولا ينتظر أحزابا متواضعة لا تملك سندا جماهيريا، ولا وزنا سياسيا أن تمُن عليه بالمشاركة السياسية"، واعتبر الحديث عن هذه المشاركة بعد الحرب "قفزا على أمهات القضايا وسابقا لأوانه".


لا جديد
من جانبه، يرى عضو المكتب القيادي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" علاء نقد، أن مؤتمر أديس أبابا "سيطر عليه حلفاء النظام السابق، وبعضهم كان يشارك في نظام البشير حتى سقوطه وهم -حاليا- حلفاء للجيش"، وأن المؤتمر لم يحمل جديدا بشأن وقف الحرب.

وقال نقد -للجزيرة مباشر- إن المؤتمر لم يستثنِ "حزب البشير" من المشاركة في العملية السياسية بطريقة مباشرة، "وأدان انتهاكات قوات الدعم السريع وتجاهل الإشارة إلى انتهاكات الجيش"، وطالب برفع تجميد عضوية حكومة بورتسودان في الاتحاد الأفريقي "رغم انقلاب البرهان على الحكم المدني".

غير أن الباحث السياسي إبراهيم علي يوسف، رأى أن المؤتمر كسر الجمود في ملف الحوار السوداني السوداني، ووضع خارطة طريق للعملية السياسية بعد وقف الحرب، وحاول ملء الفراغ الدستوري بتشكيل حكومة تصريف أعمال لإدارة شؤون البلاد، مما يمهد لإنهاء تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي الذي طالب بحكومة مدنية قبل رفع العقوبة.

وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن القوى التي شاركت في المؤتمر نالت اعترافا عمليا من الاتحاد الأفريقي والقوى الإقليمية باعتبارها قوى وازنة لا يمكن تجاوزها في أي عملية سياسية، أو تجاهلها في أي معادلة سياسية في البلاد.

وأوضح أن هذه القوى أبعدتها الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" قبل اندلاع الحرب، من اتفاق الإطار الذي "احتكرته" قوى الحرية والتغيير وحلفاؤها، مما أدى إلى انقسام واستقطاب أسهم في تسميم المناخ السياسي وعمّق الخلافات العسكرية بين الجيش والدعم السريع مما أدى لاندلاع الحرب قبل نحو 15 شهرا، حسب تقديره.

المصدر : الجزيرة